الأندلس، وحاصر البربر وجموع الجلالقة قرطبة وبرز إليهم المهدى فى كافة أهلها، وهزم مع أنصاره هزيمة ساحقة، فرّ على إثرها إلى طليطلة، فاستعان بالجلالقة-مثل المستعين- فأعانوه، ودخل قرطبة، غير أن أهل القصر قتلوه وأعادوا هشاما إلى خلافته، وحجبه واضح الصقلبى، وحاصر البربر مع المستعين قرطبة وأرسل إلى الجلالقة ليمدوه، وبعث إليهم هشام وحاجبه واضح بالتنازل لهم عن ثغور قشتالة التى استولى عليها المنصور بن أبى عامر، فلم يلبوا المستعين. واستطاع البربر اقتحام قرطبة سنة ٤٠٣ وفتكوا بهشام المؤيد، وعاد للمستعين صولجان الحكم.
وكان من قواد البربر على بن حمود واخوه القاسم وهما من أسرة الأدارسة العلوية، وعقد المستعين لعلى بن حمود على طنجة وعملها وللقاسم على الجزيرة الخضراء، وظل فى الحكم طوال خلافته ست سنوات وعشرة أشهر كانت كلها شدادا مشئومات، ويكفى دولته ذلا وذمّا أن أنشأها وثبّتها الجلالقة حتى سنة ٤٠٧ إذ يهاجم على بن حمود قرطبة ويستولى على أداة الحكم ويقتل المستعين. وكان واضح الصقلبى قد فر إلى شاطبة وفر كثير من الصقالبة بزعامة خيران إلى المريّة ومرسية ونزلت جماعة منهم دانية، ولم يلبث غلمان على بن حمود أن قتلوه سنة ٤٠٨ فخلفه أخوه القاسم وتلقب بالمأمون، ونازعه فى سنة ٤١٢ يحيى ابن أخيه على وكان واليا لسبتة واستولى على قرطبة وتلقب بالمعتلى وفرّ المأمون إلى إشبيلية وعاد ببعض البربر إلى قرطبة ولحق المعتلى بمالقة واستولى على الجزيرة الخضراء. وثار على المأمون أهل قرطبة وبايعوا عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار سنة ٤١٤ وقرّب البربر منه فوثب عليه العامة بعد ٤٧ يوما من حكمه، وبايعوا محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر وتلقب المستكفى بالله ويقال إنه لم يجلس على كرسى الخلافة أيام الفتنة أسقط منه ولا أنقص إذ كان أسير الشهوة عاهر الخلوة. وفى أيامه استؤصلت بقية قصور جده الناصر فى الزهراء، ولم يلبث يحيى بن على بن حمود أن تحرك سنة ٤١٦ للاستيلاء على قرطبة. فهرب المستكفى ومات ببعض الثغور واستولى يحيى على مقاليد الأمور، وثار عليه أهل قرطبة سنة ٤١٧ وبايعوا هشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الجبار وظل يتردد فى الثغور ثلاثة أعوام، ثم سار إلى قرطبة وتلقب بالمعتدّ، وفى سنة ٤٢٢ خلعه أهلها، وبذلك انتهت الدولة الأموية فى الأندلس.