للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرار، وعلم به ألفونس الثامن ملك قشتالة فجمع له جموعا كثيرة تزيد على مائتى ألف راجل وخمسة وعشرين ألف فارس، والتقيا عند حصن الأرك فى وسط الطريق بين قرطبة وطليطلة، ومنى ألفونس وجيشه بهزيمة ما حقة وتنادوا الفرار الفرار، وفر ألفونس ناجيا بنفسه. وعاد يعقوب إلى إشبيلية مبتهجا بكثرة الأسلاب والغنائم، وأصلح مسجدها وبنى مئذنته التى عرفت باسم الخير الدا، وكان حريّا أن يتبع ألفونس إلى طليطلة ويستولى عليها حتى يفيد الفائدة المرجوة من هذا النصر العظيم، غير أنه اكتفى بعقد معاهدة بينه وبين ألفونس بعدم الاعتداء لمدة عشر سنوات. وتوفى سنة ٥٩٥ وخلفه ابنه الناصر وكان ضعيفا وشغلته ثورات مختلفة فى المغرب كما شغله استيلاؤه على جزائر البليار من يد بنى غانية، بينما كان ألفونس يعد العدة لمعركة فاصلة بينه وبين الموحدين وأعان ملوك النصارى فى الشمال والبابا والأساقفة فى جنوبى فرنسا واعدين مساعديه بالغفران وجاءه عبّاد الصليب من كل فجّ، والتقى سنة ٦٠٩ بالناصر وجيش الموحدين فى حصن العقاب إلى الجنوب الشرقى من حصن الأرك، وهزم الناصر وجيشه هزيمة مرة، ولم تدر السنة حتى توفى وخلفه ابنه المستنصر حتى سنة ٦٢٠ وأخوه المأمون حتى سنة ٦٢٩ وفى أيامه أعلن استقلاله ابن أبى حفص واليه على تونس، وولى بعده ابنه الرشيد حتى سنة ٦٤٠ وفى عهده استقل بنو زيان بتلمسان (المغرب الأوسط) وخلفه ابنه السعيد وفى أيامه عظم شأن بنى مرين فى المغرب الأقصى واستولوا على فاس ومكناس وأيضا على وسلا والرباط على شاطئ المحيط ودخلوا مراكش سنة ٦٦٤ وبذلك انتهى عهد الموحدين.

ومنذ زمن المأمون الموحدى أخذ بعض الثائرين فى الأندلس يعلنون استقلالهم، وفى مقدمتهم ابن هود الملقب بالمتوكل الثائر بمرسيه سنة ٦٢٥ وملك قرطبة وإشبيلية وغرناطة فضلا عن مالقة والمرية، ولقيه النصارى فى ماردة شرقى بطليوس سنة ٦٢٦ فهزموه وأخذوها، واستولى صاحب برشلونة على جزائر البليار سنة ٦٢٧، ولم يلبث ملك قشتالة أن استولى على قرطبة جوهرة الأندلس الكبرى سنة ٦٣٣ وقتل ابن هود وزيره ابن الرميمى غيلة فى المرية، وثار زيان بن يوسف بن مردنيش ببلنسية سنة ٦٢٦ وأخذها منه ملك أراجون سنة ٦٣٥ وسقطت جزيرة شقر سنة ٦٣٩ ودانية سنة ٦٤١ وشاطبة سنة ٦٤٤ واستولى فرناند الثالث ملك قشتالة على إشبيلية عروس الأندلس سنة ٦٤٦.

وآلت مرسية لعم المتوكل بن هود بفريضة للنصارى وخدمة، وثار عليه عزيز بن خطاب سنة ٦٣٥ وهزم فى وقعة مع النصارى فاستدعى أهل مرسية زيان بن يوسف بن مردنيش فدخلها وقتله سنة ٦٣٦ وعاد أهل مرسية فثاروا على ابن مردنيش وأخرجوه من بلدتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>