للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالميين، ونقصد البطروجى (١) أبا إسحق نور الدين (من أهل النصف الأول من القرن الثانى عشر الميلادى) وأصله من بطروج قرية كبيرة بقرب قرطبة، وترجع شهرته وأهميته إلى كتابه الفلكى فى علم الهيئة، إذ قوّض فيه نظرية بطليموس فى كتابه المجسطى عن الكواكب السيارة قائلا إنها تتحرك فى مدارات إهليليجية أو بيضاوية حول الشمس، وترجم هذا الكتاب الفلكى سريعا إلى اللاتينية ميشيل سكوت حين نزل طليطلة واطّلع عليه حوالى سنة ٦١٤ هـ‍/١٢١٧ م وبذلك أدخل نظرية البطروجى الفلكية مبكرا إلى العالم الغربى وترجمها إلى العبرية موسى بن طبّون سنة ٦٥٧ هـ‍/١٢٥٩ م ونقلها عن العبرية إلى اللاتينية قالينيموس بن داود سنة ٩٣٥ هـ‍/١٥٢٩ ونشرت ترجمته فى البندقية سنة ٩٣٧ هـ‍/١٥٣١ م. وبدون ريب اطلع كبلر (٢) الألمانى (١٥٧١ - ١٦٣٠ م) على تلك النظرية الفلكية وصاغ منها نظريته الفلكية التى استخرج منها نيوتن قانون الجاذبية، وبذلك عدّ كبلر أبا لعلم الفلك الحديث، وهو ليس أباه الشرعى، فأبوه الشرعى الحقيقى هو البطروجى الإشبيلى العربى. وتوقف هذا النشاط فى الدراسات الفلكية بإشبيلية منذ سقطت فى يد فرناند ملك القشتاليين سنة ٦٤٦ هـ‍/١٢٤٨ م.

ولم تسقط إشبيلية وحدها فى أيدى المسيحيين الشماليين من الإسبان بل سقطت قرطبة وغيرها من مدن كثيرة فى الأندلس، وأخذ النشاط فى علوم الأوائل ينحسر عن أكثر تلك المدن وينحاز إلى إمارة غرناطة التى ظلت للعرب فى الجنوب نحو قرنين ونصف وقد هاجر إليها من مدينة مرسية الرّقوطى (٣) محمد بن أحمد وتوفى بها سنة ٧٤٤ هـ‍/١٣٤٤ م وكان قد اشتهر بحذقه بالرياضيات فى مسقط رأسه وتوافد عليه الطلاب من كل ملة، وسمع به أمير غرناطة محمد بن يوسف بن الأحمر المعروف باسم الأمير محمد الفقيه فاستدعاه لتدريس الرياضيات للطلاب فى حاضرته، ولبّاه سريعا، ويختتم الرياضيين الأندلسيين فى نهاية القرن التاسع الهجرى القلصادى (٤) على بن محمد القرشى وقد بارح غرناطة قبيل سقوطها إلى بلاد المغرب وتوفى ببجاية سنة ٨٩١ هـ‍/١٤٨٦ م وظلت كتبه تتدارس فى المغرب طويلا وخاصة كتابه كشف الجلباب عن علم الحساب.


(١) راجع فى البطروجى ابن أبى أصيبعة ص ٤٨٢ وبالنثيا ص ٤٥٦ وألدومييلى ص ٣٨٣ وما بعدها.
(٢) راجع بالنثيا ص ٥٣٥.
(٣) انظر فى الرقوطى بالنثيا ص ٤٥٧ والإحاطة ٣/ ٦٧ وما بعدها.
(٤) راجع فى القلصادى ترجمة واسعة فى نفح الطبيب ٢/ ٦٩٢ وانظر الضوء اللامع للسخاوى ٥/ ١٤ وبالنثيا ص ٤٥٧ وما بعدها وألدومييلى ص ٤١٢. ومقدمة رحلته المطبوعة بتونس بتحقيق الأستاذ محمد أبو الأجفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>