للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت له ثلاثة شروح على كتاب الجمل للزجاجى. ونلتقى بعده بابن (١) مالك محمد بن عبد الله إمام النحاة المتوفى بدمشق سنة ٦٧٢ وهو صاحب الألفية المشهورة فى النحو وله مصنفات نحوية كثيرة منها التسهيل وشرحه وشرح الكافية لابن الحاجب المصرى وشرح الجزولية وإعراب مشكل صحيح البخارى سوى مصنفات أخرى فى النحو تبلغ نحو الثلاثين، وكان يعاصره ابن الضائع (٢) على بن محمد المتوفى سنة ٦٨٠ وله شروح مختلفة على كتاب سيبويه والإيضاح لأبى على الفارسى والجمل للزجاجى، وخاتمة أئمة النحو فى الأندلس أبو حيان (٣) محمد بن يوسف تلميذ ابن الضائع المتوفى بالقاهرة سنة ٧٤٥ وعلى يديه تخرج جيل من النحاة المصريين وله شروح على كتاب سيبويه وكتابى ابن عصفور: المقرب والممتع وألفية ابن مالك وكتابه التسهيل، وله أيضا فى النحو كتاب ارتشاف الضّرب أى عسل النحل فى ستة مجلدات، وصنع له مختصرا فى مجلدين، ويقول السيوطى فى البغية: «لم يؤلف فى العربية أعظم من هذين الكتابين ولا أجمع ولا أحصى للخلاف بين النحاة».

وبجانب علوم النحو واللغة عنيت الأندلس بالبلاغة العربية، وظلت حتى نهاية القرن الرابع الهجرى تعتمد فى ذلك على رواية النصوص الأدبية للناشئة والتعرف على كتابات المشارقة فى البيان العربى، واستطاع المؤدبون فى أثناء ذلك أن يدفعوا الناشئة للإكباب على الأدب الجاهلى والإسلامى والعباسى بفرعيه من الشعر والنثر حتى استقامت لهم ألسنتهم وحتى تمثّل كثيرون خصائص البيان العربى، وأصبحوا شعراء وكتابا نابهين.

ويبدو-بوضوح-أنهم ظلوا يكتفون بكتابات الجاحظ والمبرد وابن قتيبة وابن المعتز وأضرابهم من أصحاب الاتجاه العربى فى البلاغة وبذلك ظلوا-آمادا-بعيدين عن مناحى الاتجاه البلاغى المجدد الغالى فى التجديد (٤) والذى كان يتخذ من البلاغة اليونانية-كما يمثلها كتابا الخطابة والشعر لأرسطو-معايير للبلاغة العربية.


(١) راجع فى ابن مالك طبقات الشافعية لسبكى ٥/ ٢٨، ٢٥٧ وفوات الوفيات ٢/ ٢٢٧ وطبقات القراء لابن الجزرى ٢/ ١٨٠ والنجوم الزاهرة ٧/ ٢٤٣ وبغية الوعاة ص ٥٣ وشذرات الذهب ٥/ ٣٣٩ وفى كتابنا المدارس النحوية ص ٣٠٩ وما بعدها عرض لآرائه النحوية.
(٢) انظر فى ابن الضائع الإحاطة ٤/ ١٢٠ وبغية الوعاة ص ٣٥٤ والمدارس النحوية ص ٣١٨.
(٣) راجع فى أبى حيان طبقات الشافعية للسبكى ٩/ ٣١ وطبقات القراء ٢/ ٢٨٥ والإحاطة ٣/ ٤٣ والدرر الكامنة لابن حجر ٤/ ٣٠٢ وفوات الوفيات ٢/ ٣٥٢ ونكت الهميان ص ٢٨٢ وبغية الوعاة ص ١٢١ والشذرات ٦/ ١٤٥ والمدارس النحوية ص ٣٢٠ وما بعدها.
(٤) انظر فى هذا الاتجاه وسابقه كتابنا البلاغة: تطور وتاريخ طبع دار المعارف ص ٦٢ - ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>