الحفصى أبى فارس عبد العزيز-كما فى الضوء اللامع للسخاوى-مختصرا فى الطب بوّبه إلى ثمانين بابا، ونضرب مثلا ثانيا بطبيب هو عبد الرحمن بن أبى سعيد الصقلى المتوفى سنة ٨٧٢ هـ/١٤٦٧ م ومثلا ثالثا هو أحمد الخميرى من أطباء تونس فى القرن العاشر الهجرى وله كتاب فى الطب والأطباء يسمى تحفة القادم.
ولم نعرض حتى الآن لعلم الجغرافية فى تونس، وتلقانا فى مقدمة ابن خلدون المتوفى سنة ٨٠٨ هـ/١٤٠٦ م فصول مختلفة فى حديثه عن العمران إذ يفرد فصلا للحديث عن العمران فى الأرض وما بها من البحار والأنهار والأقاليم، وهو يعدها كرة، نصفها يابس ونصفه فقط المسكون أو المعمور، ويتحدث عن أقاليمها السبعة وانقسام كل إقليم إلى عشرة أجزاء، ويقول صراحة إنه ينقل عن بطليموس الجغرافى المصرى القديم والإدريسى فى كتابه المشهور: نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق الذى ألفه فى نحو منتصف القرن السادس لروجار الثانى النورمانى ملك صقلية، ويكمل حديثه الجغرافى فى ذلك عن الربع الشمالى من الأرض الأكثر عمرانا من الربع الجنوبى ويذكر مقتطفات من كتاب الإدريسى، ويضيف بعض معلومات عن جزر المحيط الأطلسى والسودان، وينقل عن ابن سعيد الجغرافى الأندلسى. وأهم من هذا الحديث الجغرافى الذى غلب عليه فيه النقل حديثه الذى يعد سابقا فيه تأثير البيئة الجغرافية فى حياة البشر وتأثير الهواء فى ألوانهم والجوع والخصب فى أبدانهم وأخلاقهم، وبجانب هذه الجغرافيا الاجتماعية عنده جغرافيا اقتصادية يصور فيها العمران البدوى والحضرى، ونصف الحضرى والمعاش وألوانه. وهذه الوجوه من الجغرافيا الاقتصادية والاجتماعية تعد الجوانب الجغرافية عنده.
ومعروف أن كثيرين من جغرافيى العرب عنوا بوضع خريطة للعالم، وكان بطليموس الجغرافى المصرى القديم قد وضع خريطة للعالم تدارسها علماء العرب فى عصر المأمون ووضعوا للعالم خريطة أكثر دقة، وما زال جغرافيو العرب يضعون خرائط على هدى خريطة المأمون حتى جاء الإدريسى المذكور آنفا ووضع خريطته الكبيرة التى تراعى درجات الطول والعرض وقد أهداها إلى روجار الثانى الملك النورمانى. ونجد جيلين فى أسرة الشرفى بصفاقس فى الاقليم التونسى يعنيان بوضع خرائط للعالم ما بين عامى ٩٥٧ هـ/١٥٥٠ م و ١٠٠٩ هـ/١٦٠٠ م تعد صورا منقحة لخريطة الإدريسى كما يقول كراتشكوفسكى فى كتابه تاريخ الأدب الجغرافى العربى، وقد وضع أولهم: على بن أحمد الشرفى الصفاقسى سنة ٩٥٨ هـ/١٥٥١ م أطلسا فى ثمانى ورقات يصور بها سواحل البحر المتوسط وهى محفوظة فى المكتبة الأهلية بباريس. وفيها خريطة للقبلة وضّحت عليها مواقع جميع البلدان بالنسبة للكعبة، ويليها خريطة عامة للعالم ثم خرائط لسواحل إسبانيا وجزر البليار وسواحل إيطاليا ومعها جزيرتا كورسيكا وسردانيا والساحل