للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضّله على كل ما فى الوجود أن يعبد أشياء خلقها الله وسخّرها لفائدته {(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)} {(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاُسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ).} وهو إله واحد يدبّر السموات والأرض {(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا)} {(وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يَصِفُونَ).} وبالمثل يحتكم القرآن إلى العقل فى الدلالة على صحة البعث والنشور فإن من يبعث الحياة فى الكائنات قادر على أن يردّها إليها {(كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ)} {(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)} {(وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اِهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).}

وينحى الذكر الحكيم باللائمة على من لا يستخدمون عقولهم، فيشبههم بالأنعام التى لا تعقل، ويقول إنهم لا يمتازون فى شئ عن الصّمّ البكم العمى {(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)} {(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).} وكثيرا ما تختم الآيات بمثل {(أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)} {(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)} {(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).}

ودائما يدعو القرآن كل مسلم أن يستغل عقله فيما خلق له من التدبر، فيتأمل وينظر ويحكم لا عن عقائد موروثة بل عن دليل ناطق وشهادة صحيحة، ومن ثمّ كانت المعرفة المستبصرة ركنا أساسيّا فى الإسلام، فمن أسلم عن غير فهم وتبصر كان إسلامه منقوصا، إذ الإسلام الصحيح يقوم على الفهم والاقتناع لا على التقليد والمحاكاة للآباء والأسلاف.

ويشير القرآن مرارا إلى ما وهب الإنسان من فضيلة العقل، وأن الله أودع فى هذه الفضيلة خواص تمكّنه من السيطرة على جميع المخلوقات، يقول جلّ شأنه:

{(اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>