منصب القضاء ببلدته، وظل يليه إلى وفاته سنة ١٢٢٦ هـ/١٨١١ م.
وكانت موهبة محمد ماضور الشعرية قد تفتحت مبكرة، فعرف بين الشعراء والأدباء برقة أشعاره، وقد خلف ديوانا لا يزال مخطوطا، ومعظمه غزل ينبئ عن حس مرهف، من مثل قوله:
إلى كم تجور ولا تنصف ... وتهجر تيها ولا تعطف
وحتى متى الهجر لا ينقضى ... وإخلاف وعدك لا يخلف
وقد عيل صبرى وشقّ الهوى ... علىّ وبى ريحه تعصف
وأسر الهوى لجّ بى للتّوى ... وقلبى بنيرانه يرجف (١)
ولبّ سها واصطبار وهى ... وشوق دهى القلب لا يصرف
وهو يقول إن صاحبته تظلمه ولا تنصفه فدائما تهجره ودائما تخلف وعدها له، حتى نفد صبره، وشوقه يتقد فى فؤاده وإنه لأسير الهوى ويكاد يتلفه، بينما قلبه يتلظى بنيرانه، وقد سها لبّه ووهى منه اصطباره، وشوقه لا يريم. ويقول:
يا ظبية أشعلت فى القلب نيرانا ... وخلّفتنى مع الأشواق حيرانا
صبرى ودمعى لما حملت من شغفى ... هذا تلاشى وهذا صار غدرانا
يا شمس حسن تبدّت فى ملاحتها ... هلا قرنت بذاك الحسن إحسانا
ما إن ذكرتك إلا صرت من طرب ... من طيب ذكراك ولهانا ونشوانا
فصاحبته أشعلت فى قلبه نيرانا لا تنطفئ أبدا، وقد تلاشى صبره وذرف الدمع مدرارا حتى ليستحيل غدرانا، ويستعطفها بحسنها الفاتن أن تقرن به إحسانا إليه ومودة، ويعترف بأنه أصبح من طيب ذكراها موّلها منتشيا. ويقول:
شوقى يزيد على طول المدى حرقا ... يا ظبية الإنس رفقا بالذى عشقا
لله ذاك المحيّا نور بهجته ... يغشى سنا القمر السارى إذا اتسقا
يهواك لبّى وقلبى مع جوانحه ... كذاك سمعى وطرفى كلما رمقا
وهو يقول لصاحبته إن قلبه يزداد مع الزمن حرقا ولوعات مضنية، ويتوسل إليها أن ترفق بعاشقها، ويتولاه العجب لجمال وجهها ويتخيل كأنما القمر يستمد سناه وضوءه فى ليلة اكتماله من نوره البهيج. ويقول لها إن كل ما فيه يهواها، يهواها لبه وقلبه وجوانحه وسمعه وبصره.
(١) التوى: الهلاك.