للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومختلف القبائل، ورأت قريش أن لا قبل لها بلقائه، فاستسلمت ودخلت فى دين الله، يقول:

ويوم مكة إذ أشرفت فى أمم ... يضيق عنها فجاج الوعث والسّهل (١)

خوافق ضاق ذرع الخافقين بها ... فى قاتم من عجاج الخيل والإبل (٢)

وجحفل قذف الأرجاء ذى لجب ... عرمرم كزهاء الليل منسجل (٣)

وأنت صلّى عليك الله تقدمهم ... فى بهو إشراق نور منك مكتمل

والخيل تختال زهوا فى أعنّتها ... والعيس تنثال رهوا فى ثنى الجدل (٤)

أهلّ ثهلان بالتهليل من طرب ... وذاب يذبل تهليلا من الذبل (٥)

الملك لله هذا عزّ من عقدت ... له النبوة قبل العرش فى الأزل

وهو يتحدث عن يوم فتح مكة ومع الرسول أمم من يثرب والقبائل تضيق عنها فجاج الأرض العسرة والممهدة السهلة، خوافق متحركة ضاقت بها لكثرتها طاقة المشرق والمغرب، وقد عقدت حركة الخيل والإبل عليها غبارا كثيفا، وإنه لجيش ضخم متسع الأرجاء له لجب وصخب عرمرم أو شديد، كزهاء الليل ومقداره، تنصب قطعه انصبابا، والرسول-صلّى الله عليه وسلّم-على رأس هذا الجحفل، يحفّ به بهاء ونور منه مكتملان والخيل تختال فى أعنتها ومسيرتها زهوا، والعيس أو الإبل تتابع سائرة فى مضاعف من جدلها أو أزمتها، وأهلّ ثهلان رافعا صوته بذكر الله من طرب وفرح، وذاب يذبل خوفا من الرماح وكثرة السلاح، وهذا عز لا يماثله عز، عز من كتبت له النبوة فى الأزل البعيد قبل خلق العرش وتكوينه. ويتحدث عن الانتصارات فى الفتوح الإسلامية فى أنحاء المعمورة فى العراق وديار الفرس والترك والصين وبلاد النوبة والزنج ومصر والمغرب، كما يتحدث عن منزلة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند الله واختصاصه بالشفاعة للعباد خلاصا من هول المحشر، ويطلب منه الشفاعة ومن الله الغفران.


(١) فجاج الوعث: الطرق العسرة.
(٢) ضاق ذرع الخافقين: ضاق وسع المشرق والمغرب. عجاج الحرب: غبارها.
(٣) جحفل: جيش ضخم. قذف: بعيد. لجب: صباح. عرمرم: شديد. زهاء الليل: مقداره. منسجل: منصبّ ومصبوب.
(٤) العيس: الإبل. تنثال: تسيل وتنصبّ. رهوا: بطيئة أو متّئدة. ثنى الجدل: الأزمّة المزدوجة الطاقات.
(٥) ثهلان ويذبل: جبلان عند مكة. الذبل: الرماح.

<<  <  ج: ص:  >  >>