ومحمد بن يونس التميمى وعبد الحق بن محمد القرشى. وظلت الحياة العلمية مطردة النمو فى عهد النورمان، وكانوا يهتمون خاصة بعلوم الأوائل، ويتكاثر فى عهدهم من ينعت بأنه رياضى أو فلكى أو طبيب، واستدعى روجّار الثانى الجغرافى العربى الإدريسى ليصنف له كتابا فى الجغرافيا، فألّف له كتابين جغرافيين: كبيرا وصغيرا وضمنهما بعض الخرائط، ورسم له خريطة كبرى للعالم على كرة ضخمة من الفضة، وكان أولى للإدريسى أن يقدم هذه الأعمال الجغرافية البديعة لحاكم عربى فى عصره لا لحاكم نورمانى. وتظل العلوم اللغوية والإسلامية ناشطة فى العهد النورمانى، غير أن علماء أعلاما كبارا بارحوا صقلية فرارا من الظلم النورمانى مثل ابن القطاع الصقلى نزيل القاهرة وإليها حمل عن أستاذه ابن البر معجم الصحاح للجوهرى، ومثل ابن الفحام أحد أئمة القراءات نزيل الإسكندرية، ومثل ابن ظفر مفسر القرآن الكريم نزيل حماة بالشام ومثل الإمام الفقيه والحافظ الكبير المازرى نزيل القيروان والمهدية.
ويزدهر الشعر بصقلية فى عهد بنى أبى الحسين الكلبيين: ويسجل لها ابن القطاع مائة وسبعين شاعرا فى كتابه: «الدرة الخطيرة فى المختار من شعراء لجزيرة»، غير أن الكتاب سقط من يد الزمن فلم يصلنا، ونقل عنه العماد فى الخريدة تراجم لسبعة وأربعين شاعرا، وأضاف إليهم البلنّوبى بن أبى البشر، كما أضاف إليهم اثنى عشر شاعرا من كتاب ابن بشرون المهدوى:«المختار من النظم والنثر لأفاضل أهل العصر». ونظم شعراء صقلية فى مختلف أغراض الشعر العربى، وعرضت ذلك مفصلا مع الترجمة فى كل غرض لأهم شعرائه، وقد ترجمت فى المديح لابن الخياط وفى الغزل للبلّنوبى وفى الفخر لأبى الحسن الطوبى وفى الوصف لأبى عبد الله بن الطوبى وفى الرثاء لمحمد بن عيسى ولغيرهم فى الزهد والوعظ وفى التفجع والحنين واللوعة ولابن حمديس وأشعاره الرائعة.
وتحدثت عن النثر وكتّابه بصقلية، ويدل تنويه كتب التراجم بما لكتابها من مقامات ورسائل على أنها حظيت فيهما بأعمال قيمة، غير أن الزمن أضاعها، واحتفظ ابن بشرون فى ترجمته لشعرائها ببعض رسائلهم الشخصية وعرضتها مع التعليق عليها، وترجمت لكاتبين من كتابها المبدعين هما ابن الصباغ وابن ظفر. وأضفت ملحقا عن زيارة ابن قلاقس الإسكندرى لصقلية وأشعاره هناك.