للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغرّ قضاعىّ يكاد نواله ... لكثرة ما يدعو إلى الشّكر يجحف (١)

سعى وسعى الأملاك فى طلب العلا ... ففاز وأكدوا إذ أخفّ وأقطفوا (٢)

ويقظان شاب البطش بالبرّ والتّقى ... بكفّيه ما يرجى وما يتخوّف

حسام على من ناصب الدين مصلت ... وستر على من راقب الله مغدف (٣)

يسايره جيشان: رأى وفيلق ... ويصحبه سيفان: عزم ومرهف

مطلّ على من شاءه فكأنما ... على حكمه صرف الرّدى يتصرّف

وهو يقول إن كثرة نواله وعطائه تكلّف من الشكر ما لا يكاد يطاق لعظم ما ينثر من أمواله على الناس، وقد سعى وسعى الملوك من حوله فى طلب العلا ففاز وخابوا إذ أسرع فسبقهم وأبطئوا فتخلفوا، وإنه ليقظان دائما يجمع بين البر والتقوى والبطش الشديد، ففى كفيه ما يرجى من الجود ويخشى من البأس العنيف، وإنه لحسام مسلول على أعداء الدين وستر مسبل على أوليائه، يرافقه جيشان من حزمه وجنده، وسيفان: سيف مرهف وسيف من عزمه، وكأنما ينزل صرف الهلاك على رأيه ويتصرف على حكمه، ويدعو له الله أن يرعاه:

رعى الله من ترعى حمى الدين عينه ... ويحمى حمى الإسلام والليل أغضف (٤)

ومن وعده فى مسرح الحمد مطلق ... وإيعاده فى ذمّة الحلم موقف

ومن يضرب الأعداء هبرا فتنثنى ... صناديدهم والبيض بالهام تقذف (٥)

رماهم بمجر ضعضع الأرض رزّه ... كأن الروابى منه بالنّبل تدلف (٦)

كأن الرّدينيّات فى رونق الضّحى ... أراقم فى طام من الآل تزحف (٧)

يعود الدّجى من بيضه وهو أبيض ... ويبدو الضحى من نقعه وهو أكلف (٨)

وهو يدعو الله أن يحمى حامى الدين والإسلام والليل أشد ما يكون ظلاما، الوافى بوعده والممسك بوعيده يمسك به حلمه، وإنه ليضرب الأعداء ضربات متوالية والسيوف تقذف بالرءوس إذ رماهم بجيش كثيف تهتز الأرض تحت أقدام خيله حتى لكأن الروابى تقدم إليها، وكأن الرماح أراقم تزحف فى أمواج من السراب، وشاب الدجى، وبدا الضحى كلفا مغبرا فى احمرار لكثرة النقع وغبار الحرب، ويقول:


(١) أى يكلفهم ما لا يطيقون.
(٢) أكدوا: خابوا. أخف: أسرع. أقطفوا: أبطئوا
(٣) مصلت: مسلول. مغدف: مسبل.
(٤) أغضف: مظلم شديد الإظلام.
(٥) هبرا: ضربا. البيض: السيوف.
(٦) مجر: جيش كثيف. رزه: أصواته. تدلف: تسير مبطئة.
(٧) الردينيات: الرماح. أراقم: حيات. الآل: السراب.
(٨) النقع: غبار الحرب. أكلف: كدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>