للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمدائح النبوية والموعظة والوصف، وكان يكثر من الهجاء-قبل مبارحته تلمسان-للعثمانيين، ومن قوله فى وصف أهاجيه:

كأن قوافى الشعر منّى جنادل ... وكفّ الزمان منجنيق بها يرمى

وهو يقول إنه كان يرسلها جنادل على العثمانيين وغيرهم، واضطرته إلى مبارحة تلمسان خشية أن ينزل به العثمانيون عقابا أليما، ومن أشد أهاجيه فيهم أهجية طويلة سماها: «الإعلام فيما وقع للإسلام» نظمها عقب مذبحة لحاكم تلمسان العثمانى، إذ سلط جنده على بعض أعلامها وعلمائها، فسفكوا دماءهم بغيا وظلما وهدموا مبانيهم وسبوا نساءهم وذراريهم. وكان أحد الفقهاء المسمى ابن زاغو سوّغ لهم ذلك فى فتوى جائرة، فصبّ عليه وعلى العثمانيين فى أهجيته سياط هجائه غاضبا غضبا شديدا، وهو يستهلها بهجائهم بمثل قوله:

وأكبر شئ أفسدته أكفّهم ... تلمسان عين الغرب علما وإيمانا

وكانت لهم لما أرادوا فسادها ... أراذل منهم كالبطارق أعوانا

وهو يقول إن أكبر شئ أو مدينة أفسدوها تلمسان حاضرة الدولة الزيانية أم مدائن الجزائر علما ودراسات دينية، أفسدها منهم أراذل كبطارقة النصارى العتاة، ويلتفت للفقيه ابن زاغو الذى قدم لهم فتوى سوّلت للحاكم العثمانى جريمته الآثمة فيقول:

فقل لابن زاغو للضلال أئمة ... تدبّر-لحاك الله-ما قال مولانا

ولا تركنوا-والرّكن منك سجيّة- ... كأنك لم تسمع من الله قرآنا

قتلت فحول العلم صبرا ولم تزل ... على عهدك المعلوم فى الزّيغ هيمانا

فأيّمت بالفتوى نساء كريمة ... ويتّمت بالقول المضلّل ولدانا

وهو يقول إن ابن زاغو الفقيه إمام لا من أئمة التقوى بل من أئمة الضلال والفساد فى الأرض، ويتجه إليه قائلا: تدبّر-قبّحك الله-ما قال الله فى كتابه: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ} أى لا تميلوا، ويقول إنه دائما من المائلين إلى العثمانيين الظالمين، وبئس الميل لقد أفتيتهم بقتل العلماء العظام وما زلت على عهدك غارقا فى الزيغ والضلال، لقد أيمت نساء وجعلتهن ثكلى فاقدات لأزواجهن الذين يعولونهن باكيات عليهم نادبات ويتمت أطفالا صغارا لا تخاف الله ولا تخشاه. ويصور بعد ذلك فى الأهجية سفك العثمانيين لدماء العلماء وما حملوا من رءوس كم باتت ساجدة لله وكم ظلت تدرس الدين وكتب التوحيد من مثل السنوسية الكبرى سوى من قيدوهم بالأغلال وزجوا بهم فى السجون، ويعود إلى تصوير فتوى ابن زاغو ويكويه بمثل قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>