المتوفى سنة ٦١٢ هـ/١٢١٦ م وعن أبى عبد الله بن عبد الحق المتوفى سنة ٦٢٥ هـ/١٢٢٨ م وكان عالما وأديبا بارع الكتابة وشاعرا جيد الشعر، صنّف كتبا فى أصول الفقه وعقائد أصولية فى الدين، وفسر القرآن الكريم وشرح الأسماء الحسنى، وله فى التصوف نظم كثير وكذلك فى الزهد وسبل الخير والوعظ وتنزيه البارى جلّ شأنه. ولم تنص كتب التراجم على تاريخ وفاته ولكن كثرة أساتذته الذين عاشوا بين سنتى ٦٠٠ و ٦١٢ يدلّون بحياتهم على أنه عاش فى القرنين السادس والسابع للهجرة. ومن قوله فى التصوف:
الله قل ودع الوجود وما حوى ... إن كنت مرتادا بلوغ كمال
فالكلّ دون الله إن حقّقته ... عدم على التفصيل والإجمال
والعارفون فنوا ولمّا يشهدوا ... شيئا سوى المتكبّر المتعالى
ورأوا سواه على الحقيقة هالكا ... فى الحال والماضى والاستقبال
من لا وجود لذاته من ذاته ... فوجوده لولاه عين محال
فالمح بطرفك أو بعقلك هل ترى ... شيئا سوى فعل من الأفعال
وانظر إلى أعلى الوجود وسفله ... نظرا تؤيّده بالاستدلال
تجد الجميع يشير نحو جلاله ... بلسان حال أو لسان مقال
وجب الوجود لذاته وصفاته ... فردا عن الأكفاء والأمثال
يبقى وكلّ يضمحلّ وجوده ... ما واجب كمقيّد بزوال
والأبيات من أول بيت إلى آخر بيت تقول ليس فى الوجود سوى الله فتعلّق به ودع ما سواه، فالكل-كما يقول فى البيت الثانى-عدم، والعارفون من المتصوفة فنوا فى ربهم، ولم يشهدوا فى الوجود سواه، ويقول إن من لا وجود لذاته من ذاته كربّ العزة فوجوده لولاه ضرب من المحال، وانظر بعينك أو بعقلك هل ترى إلا فعلا من أفعاله: أعلى الوجود وسفله، والجميع يشير نحو جلاله بلسان مقال معترف أو بلسان حال شبه معترف بأنه واجب الوجود لذاته وصفاته الإلهية، متفردا بذلك عن الأشباه والأمثال، فليس كمثله شئ فى الوجود، إذ يبقى وحده ويفنى الكل، فهو وحده واجب الوجود وكل ما عليها فان. ويستمر منشدا:
هو ممسك الأشياء من علو إلى ... سفل ومبدعها بغير مثال
فاسكن إليه بهمّة علويّة ... متنزّها عما سوى الفعّال
وهو الذى يرجى ويخشى لا تلذ ... بسواه فى حال من الأحوال
فالشّرع جاء بذا وأنوار الهدى ... قد أيّدته فعش خلىّ البال