للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونمضى فى عصر الموحدين ونلتقى بمحمد (١) بن أحمد بن هشام المشهور باسم ابن هشام اللخمى مستوطن سبتة المتوفى سنة ٥٧٧ هـ‍/١١٨١ م وكتابه فى لحن العوام الذى سماه «المدخل إلى تقويم اللسان وتعليم البيان» كتاب نفيس، حققه الدكتور خورسيه بيريث لآثار تحقيقا علميا قيما وطبعه معهد التعاون مع العالم العربى بالمجلس الأعلى للأبحاث العلمية فى مدريد. ومن قوله فى مقدمته: «أول ما يجب على طالب اللغة تصحيح الألفاظ العربية المستعملة التى حرّفتها العامة عن موضعها وتكلمت بها على غير ما تكلمت بها العرب فى ناديها ومجتمعها» وبدأ الكتاب بمراجعة الزبيدى الأندلسى فى كتابه لحن عامة زمانه وتخطئته لها فى ألفاظ للعرب فيها لغتان وبين ما وقع فيه من السهو والغلط، وذكر بعده أوهام ابن مكى الصقلى فى كتاب تثقيف اللسان. ثم عقد بابا لما جاء فيه عند العرب لغتان أو أكثر، واستعملت منهما العامة لغة ضعيفة، وربما عدلت إلى اللحن. وأتبعه بباب لما تلحن فيه العامة ولا دليل عليه من لسان العرب وبباب لما جاء لشيئين أو لأشياء فقصروه على واحد وبباب لما تمثلت به العامة محرفا فى صيغته عن صيغته الأصلية عند الشعراء. والكتاب فى نحو ٤٣٠ صفحة رجع فيها مؤلفه إلى أبيات شعرية وأراجيز شغلت قوافيها فى فهارسه خمس عشرة صفحة من امرئ القيس إلى الشريف الرضى فى آخر القرن الرابع الهجرى. ولا يشك قارؤه فى أن المؤلف رجع فى هذه الدراسة إلى أمهات الكتب اللغوية، وقد وضع لها المحقق فهرسا تضمن نحو خمسين كتابا كما وضع فهرسا لمن ذكر فى الكتاب من اللغويين حتى ليبلغون فيه نحو تسعين. ولابن هشام اللخمى بجانب هذا العمل اللغوى القيم كتاب ما وقع فى أبيات كتاب سيبويه وشرحها للأعلم من الوهم والخلل، وله شرح فصيح ثعلب وهو كتاب لغوى ملئ بالألفاظ الغربية، وله أيضا شرح مقصورة ابن دريد، وهما من مراجعه فى كتابه عن لحن العامة. ويلقانا بعده من اللغويين فى عصر الموحدين أبو ذر مصعب (٢) بن محمد بن مسعود الخشنى الجيّانى الأصل المستوطن لفاس وكان عالما لا يبارى فى اللغة ونحويا أديبا وكفاه شرفا شرحه لغريب السيرة النبوية العطرة، وعليه اعتمد كل من نشرها فى العصر الحديث. ومن لغويى هذا العصر محمد (٣) بن عيسى بن أصبغ المشهور باسم أبى عبد الله بن المناصف المتوفى بمراكش خطيبا بجامع بنى عبد المؤمن لسنة ٦٢٠ هـ‍/١٢٢٣ م وكان فقيها نظارا جانحا إلى الاجتهاد مائلا إلى القول بمذهب الشافعى مناظرا عليه، وكان حافظا للغات مليئا من الآداب شاعرا مجيدا مرجزا مطبوعا، وله أرجوزتان لغويتان: «المذهبة فى نظم الصفات من الحلى والشيات» وهى أرجوزة ألفية نظمها بمراكش، وتلاها بأجوزة ثانية سماها المعقبة لكتاب المذهبة فى الأنعام والظباء وحمر الوحش والنعام وما يتعلق


(١) انظر فى ابن هشام اللخمى التكملة ٣٧٠ وبغية الوعاة ١/ ٤٨.
(٢) انظر ترجمته فى التكملة: ٧٠٠ وجذوة الاقتباس ٦٣٦.
(٣) انظر فى ابن المناصف ابن عبد الملك المراكشى ٨/ ٢/٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>