للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا عريب الحىّ من حىّ الحمى ... أنتم عيدى وأنتم عرسى

وهو استهلال رائع لما سيتلوه من المديح النبوى وقد عارض بها موشحتين قفلهما سينى لابن سهل وابن الخطيب، وهما بالترتيب: هل درى ظبى الحمى-وجادك الغيث. وفى نهاية الموشحة يقول:

همت فى أطلال ليلى وأنا ... ليس فى الأطلال لى من أرب

ما مرادى رامة والمنحنى ... لا ولا ليلى وسعدى مطلبى

إنما سؤلى وقصدى والمنى ... سيّد العجم وتاج العرب

أحمد المختار طه من سما ... الشريف بن الشريف الكيّس

خاتم الرّسل الكريم المنتمى ... طاهر الأصل زكىّ النّفس

فهو إن هام صبابة بأطلال ليلى ليس له من مأرب فيها ولا فى تغنيه برامة والمنحنى حيث اللقاء المأمول ولا مطلبه ليلى ولا سعدى ولا غيرهما ممن يذكرهن إنما سؤله وقصده وكل مناه رسول الله سيد العجم وتاج العرب. والموشح بالغ الروعة، ويذكر له الأستاذ ابن تاويت موشحا على غراره ختمه بهذا الابتهال لربه:

طامع فى رحمة الله وما ... خاب عبد طامع لم ييأس

يا إلهى جد علينا كرما ... يا كريما قبل أخذ الأنفس

وما من مسلم إلا ويطمع فى رحمة الله الغفور الرحيم.

ويكثر الوشّاحون فى عصر السعديين، وفى مقدمتهم الخليفة المنصور الذهبى، وكان واسع الثقافة عالما مؤلفا، كما كان أديبا شاعرا، وازدهر العلم والأدب فى المغرب الأقصى بأيامه، واستحالت مجالسه إلى مناظرات علمية متعمقة ومساجلات شعرية مع وفرة جوائزه وعطاياه، وينوه المؤرخون غربا وشرقا به، وعليه قصر ابن القاضى كتابه: المنتقى المقصور على مآثر الخليفة المنصور تحدث فيه عن نسبه وحسبه وشيوخه وخلافته وسياسته وشمائله الحميدة وتعظيمه الميلاد النبوى وغزواته وعلو همته، ويلم من حين إلى حين ببعض أشعاره، ويذكر أن له موشحات كثيرة، وينشد له موشحة، يقول المنصور الذهبى فى غصنها الأخير (١):

قلت له وقد نهد ... وجدّ فى حربى (٢)

وغلب الظّبى الأسد ... ففاز بالغلب

الشمس برجها الأسد ... فاسع إلى قلبى

وهو يستغلّ ما يقوله الفلكيون من أن برج الشمس الأسد، فيقول لصاحبته وقد اكتمل


(١) المنتقى ص ٦٦٢.
(٢) نهدت الجارية: اكتمل شبابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>