كان ينظم الموشح والزجل والمزنم فى الفنّين أى أنه كان يلحن أحيانا فى الموشح ويعرب فى الزجل، والمزنم من الزنمة وهو المستلحق بالقوم، فالموشح والزجل المزنمان كل منهما مستلحق بأصله. ويقول صفى الدين إنه كان يلحن أحيانا فى الموشح ويعرب فى الزجل قصدا منه واستهتارا، ويقول: إذ القصد من الجميع عذوبة اللفظ وسهولة السبك. وكان ابن سناء الملك يعيب عليه ذلك، ولهذا لم يثبت شيئا من موشحاته فى كتابه: «دار الطراز». ويقول صفى الدين مسترسلا: ومن موشحاته المزنمة الموشّحة الطنانة الموسومة باسم «العروس» وفيها يصور عشقه لرميلة أخت عبد المؤمن الموحدى خليفة الموحدين، وقد قتله بسببها لما وقع فى نفسه من مطلعها وما يليه من اجتماعه بها. ويقال إنه كان حسن الصورة جليل القدر ذا عشيرة، وكانت هى أيضا جليلة القدر جميلة الخلق فصيحة تنظم الأزجال الرائقة الفائقة، وينشد صفى الدين مطلع الموشحة وما يليه على هذه الشاكلة:
من يصيد صيدا ... فليكن كما صيدى
صيدى الغزاله ... من مراتع الأسد
كيف لا أصول ... واقتنصت وحشيّه
ظبية تجول ... فى ردا سوسيّه
صاغها الجليل ... فهى شبه حوريّه
تنثنى رويدا ... إذ تميس فى البرد
تعجن الغلاله ... والرّدا مع النّهد
ربّ ذات ليله ... زرتها وقد نامت
والرّقيب فى غفله ... والنجوم قد مالت
رمت منها قبله ... عند ضمّها قالت
قرّ قرّ وإهدا ... لا تكن متعدّى
تكسر النّبالا (١) ... وتفرط العقد
وواضح فى الموشح العذوبة والسلاسة وصفاء الألفاظ وحسن انتخابها.
وواضح أيضا ما فى القفل الأخير من لحن فى شطريه الثانى والرابع: «لا تكن متعدى- وتفرط العقد» والأصل: «لا تكن متعديا-وتفرط العقد» بفتح الدال، وهو لذلك موشح مزنّم ملحق بالموشحات المعربة. ويقال إن ابن غرله حين قدم ليقتل نظر فى الناس من حوله وارتجل فقرة أنشدها من نفس وزن هذا الموشح يستنجد بعشيرته لتأخذ بثأره قائلا:
(١) النبالا: الأساور بالمغربية الدارجة.