للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا أحلم الحلماء أحزمهم إذا ... ما الرأى ردّ إلى مشورة حازم

صل واغلظن فى الله واسط مجاهدا ... بحسام عزمك ذى الذؤاب الحاسم

واقطع حبال خبال كلّ معارض ... ومعاند للحق غير موائم

فإلام تبرح فى الضلال قبائل ... من عرب مغربنا سدى وأعاجم

وإلى سيادتك السنيّة ينتهى ... نصح الورى ولأنت أعلم عالم

والدين أنت إمامه ورئيسه ... والدهر عبدك وهو أطوع خادم

والدغوغى يصور محمد بن أبى بكر حليما فهو لا يأخذ أتباعه والقبائل من حوله بالشدة، ويقول له لك أن تصول وتجول وتغلظ فى الدعوة لله وتقهر خصومها بحسام عزمك الحاد ولتقض على كل معارض لك ومعاند للحق لا يذعن له. ويحمل على القبائل الخارجة عن ولائه التى لا تبرح مهالك الضلال، الأعجمية منها والمهملة التى لا يصلها دعاته، وينوه بسيادته السنية وعلمه وإمامته وطاعة الدهر له كيفما أمره. وثار فى الصحراء أبو الحسن السملالى وعاث فيها فسادا، ففزع إليه كبراؤها وسادتها يستنجدون به لإحباط ثورته، ففكر فى جمع جيش لحربه ثم عدل عن ذلك إلى طريق الوعظ والإرشاد حتى لا تراق دماء المسلمين، واستجاب لدعاته السملالى وحقنت الدماء، فأنشده الدغوغى قصيدة منوها بصنيعه، وفيها يقول:

كم ولدة لولاكم فى بلدة ... يتمت وغودرت المواطن عافيه

ولكم بكم عمرت مواطن طالما ... أقوت وتألفها الذئاب العاويه

هذا لسان الحق ينشد إنما ... شمس الهدى للمهتدين دلائيه

بكرية الأبراج مشرق سعدها ... بمحمدىّ الرشد غربا باقيه

ولعلمه ولحلمه ولحكمه ... حكم تفوق الحصر لا متناهيه

وهو يصف محمد بن أبى بكر الدلائى بأنه دائما يحمى الصغار الأبرياء من حرب آبائهم ولولاه لتيتّموا وأصبحت المواطن خالية من آبائهم، وكم به عمرت بلاد ومواطن كانت تقفر فى عهد غيره وتسكنها الذئاب العاوية، وإن لسان الحق لينشد إن شمس الهدى للناس جميعا دلائية الموطن بكرية الأبراج، مشرقها دائما فى المغرب أو الغرب بمحمد بن أبى بكر، وينوه بعلمه وحلمه وعدالة حكمه. خلال وشمائل تفوق الحصر لا متناهية. ودائما ينوه بكرمه وجوده وأنه غيث مدرار بمثل قوله:

يا من إذا تربت يمينى كان لى ... نشر ثناه غنىّ فلست أعول (١)

ما المال من أمل إليك أمالنى ... حسبى رضاك فهل إليه وصول

فرضاك كل غنيمة فى ضمنه ... حتى الثراء به رضاك كفيل


(١) أعول: أفتقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>