للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى الوسط إلى الغرب إقليم آدرار، وهو جبال شامخة متصلة أشبه بهضبة كبيرة يسير الراكب فيها ستة أيام طولا وخمسة أيام عرضا ومن أهم مدن هذا الإقليم شنقيط وكانت العاصمة الثقافية لموريتانيا حتى نهاية القرن الماضى، ويقال إنها شيّدت بواحة آبير فى القرن السادس الهجرى/الثانى عشر الميلادى، وغلبت عليها الرمال فبنيت فى القرن الثامن الهجرى/الرابع عشر الميلادى. وكانت موريتانيا-من حينئذ-تسمى بلاد شنقيط، ويسمى شعبها الشناقطة، وسميت فى القرن الحاضر باسم «موريتانيا» وهو الاسم القديم الذى كان يطلقه الرومان عليها وعلى المغرب الأقصى. وتقع غربى شنقيط مدينة آطار التى بناها السماسدة فى القرن الماضى. وإلى الجنوب من شنقيط حصن أزكى ومدينة أودغشت اللذان اتخذهما المرابطون فى القرن الخامس الهجرى قاعدة لجيوشهما الناشرة للإسلام فى السنغال وغينيا ومالى. وفى الجنوب الشرقى من إقليم آدرار إقليم تكانت وهو مثله هضبة مرتفعة أو بعبارة أدق جبال متصلة عليها مدن وقرى أهمها مدينة تيججكة التى بنيت منذ ثلاثة قرون وهى كثيرة النخل والزروع، ومن مدن الإقليم مدينة تيشيت فى منطقة رملية وعلى مقربة منها-كما يقول الحسن الوزان-رقعة صالحة للزراعة بها نخيل كثير ورقعة أخرى تزرع شعيرا ودخنا. والماشية نادرة والغنم الصحراوى كثير. ويشتغل أهلها بالتجارة وحمل عروضها أو بضائعها بين السودان والمغرب الأقصى، وهى-إلى ذلك-كانت محطة مهمة للقوافل التجارية. وإلى الشمال الشرقى من شنقيط مدينة وادان وهى مبنية على مرتفعات صخرية وتشرف على واديين بهما نخل كثير، وأهلها أصحاب سبخة إجّل فى الشرق المشهورة بمناجم الملح ومنها يحمل إلى شنقيط وبلاد السودان. وحلّت محل مدينة تغازى التى كان يحمل الملح من مناجمها زمن ابن بطوطة فى القرن الثامن الهجرى، ونزل بها فى رحلته إلى السودان وفيها يقول: «من عجائبها أن بناء بيوتها ومسجدها من حجارة الملح وسقوفها من جلود الجمال، ولا شجر بها، إنما هى رمل فيه معدن الملح يحفر عليه فى الأرض فيوجد منه ألواح ضخام متراكبة كأنها قد نحتت ووضعت تحت الأرض يحمل البعير منها لوحين، ويباع الحمل منه فى ولاته بعشرة مثاقيل ذهبا وفى مالى بثلاثين مثقالا، ويقطع قطعا يتبايع بها كما يتبايع بالذهب والفضة، وقرية تغازى يتعامل فيها بالقناطير المقنطرة من التبر، ويقول الحسن الوزان إنه ليس لعمالها من أقوات إلا ما يجلب لهم من تمبكتو فى السودان أو الدرعة فى المغرب الأقصى الواقعتين على مسافة عشرين يوما من تغازى، وماء آبارها مالح. وفى الجنوب الغربى من موريتانيا مدينة بوتليميت، وهى عاصمتها الثقافية الآن لوجود معهد إسلامى بها وتشتهر الأنحاء فى الجنوب الغربى بما فيها من مناجم الحديد وهى

<<  <  ج: ص:  >  >>