للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاه أمير المؤمنين محمد ... وعاشره بالبحث حينا من الدهر

وقد كان للإسلام بالنّصح راعيا ... وناهيك من ذى فطنة عالم حبر

ولكن ببادى الرأى أو بإشاعة ... تراماه عن قوس طوائف ذا العصر

وما كان فى كلّ العقائد لو دروا ... يخالف أسلاف الأئمة فى فتر (١)

قفوا فانظروا فى نكره أعقائد ... من الدين أم من منطق سيق للسّبر (٢)

أبان السّيوطى نهجهم فيه جملة ... وللقرطبى من قبله الأخذ بالحذر

واليعقوبى ينوه بتكريم السلطان محمد بن عبد الله العلوى له ومعرفته بعلمه وفضله، ويقول إنه عالم ذكى متعمق فى العلم ناصح للمسلمين، ومن العجب أن ترميه جماعة-عن قوس واحدة-بأنه منحرف، مع أنه متمسك كل التمسك بعقائد الدين لا يخالف أئمته السالفين فى قليل بل فى أقل القليل، وكل ما فى الأمر أنه ينهى عن دراسة المنطق اليونانى، وهى وجهة نظر يتفق معه فيها السيوطى المصرى والقرطبى الأندلسى. ويقول الشويعر أحد شعراء النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجرى فى مديح حرم بن عبد الجليل العلوى واسمه محمد (٣):

أمحمّد أم ليث غاب مقبل ... وجبينه أم عارض متهلّل (٤)

قاضى قضاة قد نمته مشايخ ... يسمو به حسب ومجد عدمل (٥)

سهل الجناب يلين ما لاينته ... وإذا يسام الخسف ليث مشبل (٦)

يا من سما فوق الكواكب مجده ... النّجم وإن والسّماك الأعزل

إن الكمال إذا يفوز به امرؤ ... فى هذه الدّنيا فأنت الأكمل

ويشيد بحرم قاضى القضاة، ويجعله ليث غاب شجاعة وضراوة، كما يجعل جبينه سحابا متهللا كناية عن كرمه المدرار، ويشيد بآبائه وحسبه ومجده القديم، ويقول إنه سهل الجناب سخىّ، وليّن مع من يلاينه، أما إذا سامه شخص خسفا أو ظلما فإنه يصبح ليثا هصورا. ويذكر له أن مجده علا فوق الكواكب، وأن النجم والسماك الجنوبى لا يلحقان شأوه، وأنه إذا كان هناك شخص يفوز بنعت الكمال فأنت الأكمل الذى لا يبارى ولا يجارى. ويقول محمد مولود المباركى من شعراء القرن الثالث عشر الهجرى فى مديح محمد بن كمال (٧):


(١) الفتر: ما بين الإبهام والسبابة فى القياس.
(٢) السبر: الاختبار.
(٣) الشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٢٣٩.
(٤) عارض: سحاب ممطر.
(٥) عدمل: قديم.
(٦) سامه خسفا: أذله أو ظلمه. ليث مشبل له أشبال وأولاد.
(٧) الشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>