للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتدفقة. ويمدح الشاعر محمد بن محمد العلوى السلطان العلوى عبد الرحمن ابن هشام (١٨٢٤ - ١٨٥٩ م) قائلا (١):

خليفة مصباح الهدى وحفيده ... ومحيى لعافى ربعه المتقادم (٢)

غيور على بيضاء سنّته التى ... أبيحت لها-لولاه-كلّ محارم

أنام عيون الناس تحت عدالة ... وقت رجل سارى الليل لدغ الأراقم (٣)

فأصبح ثغر الأرض سوقا وأصبحت ... مآسدها مرعى المخاض السواهم

حماها-حماه الله-أن تستبيحها ... من اعدائها دهم الدواهى الدواهم

وهو يقول إن سلطان المغرب الأقصى عبد الرحمن خليفة مصباح الهدى جده العظيم أعاد الحياة لدارس ربع الهدى القديم، وإنه غيور على السنة التى لولاه لأبيحت لها كل المحارم. وقد شملت عدالته كل الرعية وعمّها أمن واسع وقى الناس لدغ الأفاعى الشرّيرة، حتى لأصبح ثغر الأرض الحربى سوقا آمنة، وأصبحت المآسد المخيفة بأسدها مرعى آمنا للنوق الحوامل، وحمى الأرض جميعها-حماه الله-من سود الدواهى الغاشمة. ونلتقى بأخرة فى العصر بمحمد بن حنبل البوحسنى المتوفى سنة ١٣٠٢ هـ‍/١٨٨٥ م وقد أكثر من مديح الشيخ سيديّا، ومن قوله فيه بإحدى مدائحه (٤):

شيخ سناه وصيته ونداه م‍ ... لء الأيد والأبصار والآذان

شيخ تجرّد للجميل فدأبه ... نفع الأنام وطاعة الرّحمن

ولنعم مرتاد الأرامل أنتم ... والشّعث والأيتام والضّيفان

ولأنت أكرم ما حوت أقطارها ... بل ما عليه تعاقب الملوان

آلى الزمان أليّة مبرورة ... أن لا يكون من الورى لك ثانى

وابن حنبل يقول عن الشيخ سيديّا إن نداه أو جوده ملء الأيدى وسناه أو ضوءه ملء الأبصار وصيته ملء الآذان، وإنه تجرد لصنع الجميل فعادته نفع الناس بكرمه الفيّاض وعبادة الرحمن ونسكه، والأرامل ترتاد منزله وتتلمسه، وكذلك أبناء السبيل الشعث المغبرون والأيتام والضيوف الكثيرون. ويقول له إنك أكرم من احتوته أقطار الأرض وتعاقب عليه الليل والنهار. وأقسم الزمان قسما مبرورا صادقا أن ليس لك فى الناس ثان يبلغ مبلغك. ونتوقف قليلا للحديث عن ثلاثة من شعراء المديح.


(١) الوسيط فى تراجم أدباء شنقيط ص ٥٣.
(٢) عافى: دارس.
(٣) الأراقم: الأفاعى.
(٤) الشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>