للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلائد المجد فى أعناقنا نظمت ... عقدا وكنا لعين الدهر إنسانا (١)

لا يبلغنّ مدانا من يفاخرنا ... فضلا وعلما وإيمانا وإحسانا

يقول إننا قبيلة ديمان أقطاب السيادة وخير قبائل بنى حسان تقوى وصلاحا، وقد اكتسينا حلل المعالى والعلا وحليهما من در وياقوت ومرجان، وارتسمنا على وجه العلا غررا بيضاء مشرقة وفوق رءوس الجود تيجانا، وكان منزلنا فوق نجم السماك فى أعلى عليين، وارتسمنا على وجنات الدهر خيلانا وحسنات، وحزنا المكارم والمجد الأصيل والعلياء إلى اليوم. وقد نظمت فى أعناقنا قلائد المجد، وكنا-وما زلنا-إنسان عين الدهر وجوهرته الباصرة، ولا أحد ممن يفاخروننا يبلغ مدانا تقوى وعلما وفضلا وإحسانا. وكرر هذا الفخر فى قصيدة همزية. ونلتقى بعده بالمختار بن بون وسنخصه بترجمة، ويقول حرم بن عبد الجليل الذى سبقت ترجمته مفاخرا بقومه أهل شنقيط وقد انتصروا فى حرب على أهل وادان (٢)

سما للمعالى من تقدّم منهم ... ويسمو على آثاره من تأخّرا

مآثرهم حلى الزمان لو انّه ... على صورة الإنسان كان مصوّرا

وكم من فتى منهم يروقك علمه ... ويهزم من أنجاد وادان عسكرا

ويجعل فى إحدى يديه مهنّدا ... طريرا وفى الأخرى كتابا مطرّرا (٣)

يحبّ الرّدى يوم الوغى وكأنّه ... إذا مات فيه لا يزال معمّرا

وهو يقول إن جميع الرجال فى قومه شبانا وشيبا يسمون للمعالى وقد كثرت مآثرهم، وإن الزمان ليتحلّى بها، ولو كان إنسانا لاتضحت مصورة على صدره، وإن فتيانهم لعلماء يروقك فى السلم علم كل فتى منهم، بينما هو فى الحرب بطل يهزم عسكرا من أبناء وادان. وتراه يحمل فى إحدى يديه سيفا ماضيا وفى اليد الأخرى كتابا بهيّا. وإنه ليضحى بنفسه فى سبيل قبيلته، حتى لكأنه يريد الموت فى الوغى من أجلها، ومثله لا يموت بل يظل خالدا فى ذاكرة قومه. ويقول الأحول البوحسنى المتوفى سنة ١٢٥٠ هـ‍/١٨٣٥ م فى الحروب التى وقعت بين قبيلته وبين العلويين إثر انتصار لهم فى بعض المواقع (٤):

هم جلبوا الحرب العوان فلم نزل ... نبيد ونقصى منهم كلّ جانب (٥)

لدى مشهد دارت رحاه فجرّعت ... صناديدهم حتفا مرير المشارب (٦)

وولّوا سراعا مدبرين كأنهم ... بغاث تهاوى من صقور دوارب (٧)

وقهرا طردناهم وخضنا حماهم ... وهجنا هموم المعولات النوادب


(١) إنسان العين: جوهرتها الباصرة.
(٢) الوسيط ص ٢٩.
(٣) طريرا: ماضيا. مطررا: عليه بهاء ورونق.
(٤) الوسيط ص ٣١٠.
(٥) الحرب العوان: المتجددة مرة بعد مرة.
(٦) دارت رحى الحرب: نشبت وحميت. صناديدهم جمع صنديد: شجاع مفرط فى الشجاعة.
(٧) بغاث: طائر صغير. تهاوى: طار مسرعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>