للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تختلف القافية من بيت إلى بيت، مع اتحاد الشطرين المتقابلين فيها بكل بيت، ونظم مزدوجات أخرى فى التاريخ والفقه. ومن حينئذ شاع هذا الفن الجديد فى العراق وإيران والبيئات الإسلامية المختلفة، وتكاثرت منظوماته فى الأندلس والمغرب، وتأخذ فى الظهور بموريتانيا فى القرن الثانى عشر الهجرى وسرعان ما تتكاثر كثرة مفرطة فى القرن الثالث عشر، ومن أمثلتها فى أواخر القرن الثانى عشر نظم المجيدرى لما ورد عن العرب من كلمات على وزن فاعول ولا مهاسين مثل طاوس وناقوس (١). ونلتقى بالمختار بن بون المتوفى حول سنة ١٢٢٠ هـ‍/١٨٠٦ م وله فى النحو نظم سماه الاحمرار ذكر فيه من تسهيل ابن مالك ما لم يذكره فى الألفية، ومزجه بها مزجا جيدا يدل على مهارة تامة (٢). وكان يعاصره عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوى المتوفى سنة ١٢٣٠ هـ‍/١٨١٤ م وقد نظم كتاب جمع الجوامع فى أصول المذهب المالكى للسبكى وسمى نظمه مراقى السعود، وألف شرحا لهذا النظم باسم نشر البنود يقول الشنقيطى: «لم يأت الزمان بمثله، ولا جاد فيما مضى بشكله» وألف فى علم البيان نظمه «نور الأقاح» ووضع له شرحا سماه «فيض الفتاح» جمع من فنون البلاغة الثلاثة: المعانى والبيان والبديع الدرّ الثمين، ألغى فيه الغث وأخذ السمين، وله فى مصطلح الحديث نظم سماه «طلعة الأنوار» وضع عليه شرحا (٣) ولابنه محمد منظومة فى الأفعال جمع فيها ما فى التسهيل لابن مالك وما فى لاميته وما فى شرح بحرق اليمانى للامية، وشرح المنظومة، وهو عمل لغوى بارع، ويقول الشنقيطى معبرا عن إعجابه بهذا العمل: ناهيك به (٤). ولعبد الله بن أحمد الغلاوى معاصر ابن الحاج وأحد أفراد زمنه فى العلم وأعلم من بأرض الحوض منظومات (٥) متعددة، منها منظومته لرسالة ابن أبى زيد القيروانى فى الفقه المالكى، أنشد الشنقيطى من فاتحتها قوله:

ولم أكن جذيل هذا الفنّ ... وما علىّ لومة لأنّى (٦)

شغلت بالنّحو وبالبيان ... و (إنّ هذان لساحران)

ويذكر الشنقيطى أنه نظم متنا فى الفقه لعبد الرحمن الأخضرى الجزائرى صاحب متن السلم المشهور فى المنطق، وبدأ نظمه بقوله:

عبد الإله الشنقطىّ يشترى ... بعقده المنظوم تبر الأخضرى

وقال إنه نظم أيضا متن الخزرجية فى العروض، واستهلّ نظمه لهذا المتن بقوله:

الحمد لله على تخريجى ... مسائل العلوم بالتدريج


(١) الشنقيطى ص ٢١٥.
(٢) الشنقيطى ص ٢٨٠ - ٢٨١.
(٣) الشنقيطى ص ٣٨ - ٣٩.
(٤) الشنقيطى ص ٨٣.
(٥) انظر ترجمة الغلاوى عند الشنقيطى ص ٩١ وما بعدها.
(٦) جذيل: خبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>