للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يقول إن دعوته قائمة على الأخذ بالكتاب والسنة النبوية، ومن يرفض دعوته يكون كافرا ويصفه بأنه نحّى الصدأ والكدرة عن وجه الحياة فى السودان ونحّى أنواع الهلاك والبوار، ويقول إن علياءه علت به فوق السموات السبع، وأمست آثار طه تتعالى ولا يعلو عليها سناء ولا نور، ويذكر أن مجده أصيل والفضل منه مؤمل يشترك فيه السودانيون جميعا، وسنترجم عما قليل لشاعرين من شعراء المهدى هما: حسين زهراء ومحمد عمر البناء. وكان قائد جيش الأنصار عثمان دقنة فى شرقى البلاد بمدينة هندوب قرب مدينة سواكن ومعه فرق كبيرة من الجيش فبلغ التعايشى خليفة المهدى أن جيشا إنجليزيا يتقدم نحو سواكن ليفاجئ عثمان دقنة فى هندوب، فكتب إلى عثمان دقنة يأمره بالانسحاب من المدينة لاستدراج العدو إلى شعاب الجبال، ومباغتته هناك، ونكل عثمان دقنة بالجيش الإنجليزى فى هشيم، وفى ذلك يقول محمد الطاهر المجذوب كاتبه فى قصيدة حماسية (١):

هندوب تعرف صبرنا ... كيف ارتكبنا للمصاعب

وهشيم تشهد عزمنا ... كيف ادّرعنا للمصائب

يا طالما صدنا بها ... صيد الغضنفر للثعالب (٢)

نحيى لدين الله بل ... فى شأنه نلقى المعاطب (٣)

متوسلين إليه بال‍ ... مهدىّ وجهة كلّ راغب

وخليفة المهدىّ عب‍ ... د الله مفتاح المطالب

وهو يقول إن «هندوب» تعرف صبرنا فى الحرب وكيف نعد العدة لها، وتلك «هشيم» تشهد عزمنا المصمم وكيف أخذنا أهبتنا للحرب، وكانت حربا ضارية صاد جيشنا فيها الأعداء صيد الأسد للثعالب. وإننا لنحيى للدفاع عن دين الله معرّضين أنفسنا للموت من دونه، متوسلين لإلهنا بإمامنا المهدى وخليفته عبد الله التعايشى مفتاح كل مطلب للشعب السودانى. ويمدح المضوى عبد الرحمن الزبير باشا حاكم بحر الغزال للخديوى إسماعيل، وكان قد نزل القاهرة بعد ثورة المهدى، وكان من أنصارها وأرادت حكومة مصر محاكمته فتوسط له الزبير باشا فعفى عنه، فامتدحه بقصيدة يقول فيها (٤):

هو فخر سنّار الذى عظمت به ... وجداه عمّ بها جميع السّاح (٥)

وتواضعت عظماؤها لعلاه إذ ... علموا بما أوتى من الفتّاح

من فطنة ونزاهة وشهامة ... وشجاعة فى الغارة الملحاح


(١) نفثات اليراع ص ٩٣ وانظر شعراء الوطنية فى السودان ص ٩٠.
(٢) الغضنفر: الأسد.
(٣) المعاطب: المهالك.
(٤) نفثات اليراع ص ٩٧. وشعراء الوطنية فى السودان ص ٣٣٨.
(٥) جداه: عطاؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>