للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر أن موهبة الشعر تيقظت عنده مبكرة، وطبيعى وهو قد نشأ فى البصرة أن يتجه بشعره إلى المديح والهجاء اللذين كانا شائعين فيها على ألسنة الشعراء من حوله، غير أن الهجاء هو؟ ؟ ؟ غلب عليه، وقد صبه صبّا على أسرة زياد بن أبيه، وكان الذى؟ ؟ ؟ فيها أن سعيد بن عثمان والى معاوية على خراسان أراد استصحابه فآثر عليه عبّاد بن زياد والى سجستان، وصحبه فلم يحمده، وكان عباد طويل اللحية عريضها، فركب ذات يوم وابن مفرغ يسير معه فى موكبه، فهبّت ريح، فنفشت لحيته. فقال ابن مفرغ توا:

ألا ليت اللّحى كانت حشيشا ... فنعلفها دوابّ المسلمينا

وعلم عباد بما قال، فأخذ يجفوه ويتنكر له، وأخذ ابن مفرغ يظهر ندمه على صحبته وتركه لسعيد بن عثمان، وفى ذلك يقول:

إن تركى ندى سعيد بن عثما ... ن فتى الجود ناصرى وعديدى

واتّباعى أخا الوضاعة واللّؤ ... م لنقص وفوت شأو بعيد

وكان على ابن مفرغ دين، فاستعدى عليه دائنوه عبّادا، فأمر ببيع ماله فى دينه. وكان فيما بيع عليه عبد يقال له برد وجارية تسمى أراكة، فبكاهما طويلا بمثل قوله:

وشريت بردا ليتنى ... من بعد برد كنت هامه (١)

يا هامة تدعو صدى ... بين المشقّر فاليمامه (٢)

الريح تبكى شجوه ... والبرق يلمع فى الغمامه (٣)

وأخذ يهجو عبّادا وأخاه عبيد الله والى العراق وأباهما زيادا هجاء مقذعا، وكان مما وقف عنده طويلا استلحاق معاوية بزياد، معلنا نكيره على هذا الاستلحاق بمثل قوله:


(١) يقال فلان هامة اليوم أو الغد أى أنه يموت فى يومه أو غده. وشريت هنا: بعت.
(٢) كانت العرب تزعم أن الهامة والصدى يطيران من رأس الميت. المشقر: حصن بين البحرين ونجران.
(٣) يقول إن البرق يبكيه لامعا فى الغمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>