للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلتئم فى ثابت هجاء العصبيات وهجاء الأسباب الشخصية، إذ كان يتعصب لقومه من الأزد تعصبا شديدا. وكان أقل حادث يثيره. ونراه مع المهلب فى حروب الأزارقة، ويتعرض بعض بنى الكوّاء اليشكريين للمهلب والأزد بالهجاء، فينبرى هاجيا له ولعشيرته بمثل قوله:

كل القبائل من بكر نعدّهم ... واليشكريّون منهم ألأم العرب

ويمضى مع المهلب إلى خراسان، فيظل بها بقية حياته غازيا مجاهدا فى سبيل الله. ولما وليها يزيد بن المهلب أخلص له ودّه، فكان يمدحه، وكلما شغبت عليه قبيلة صبّ عليها هجاءه. وكانت قبائل ربيعة لما حالفت الأزد فى البصرة كما قدمنا تعينها وتشدّ من أزرها لا فى البصرة فقط، بل أيضا فى فى خراسان حين وليها المهلب ثم ابنه يزيد، ولكن حدث أن استبطأت يزيد فى بعض الأمر، وهى تنزل مع الأزد حواليه، فشغبت عليه حتى أرضاها، وأغضب ذلك ثابت، فهجاها بأشعار كثيرة يقول فيها:

عصافير تنزو فى الفساد وفى الوغى ... إذا راعها روع جماميح بروق (١)

وأنتم على الأدنى أسود خفيّة ... وأنتم على الأعداء خزّان سملق (٢)

وحين ولى قتيبة بن مسلم الباهلى خراسان بعد عزل الحجاج ليزيد بن المهلب أخذ يزورّ عنه امتعاضا لابن المهلب. ولم يلبث أن هجاه هو وقبيلته باهلة حين هزمت فى بعض حروب الترك وثبتت تميم، فقال:

توافت تميم فى الطّعان وعرّدت ... بهيلة لما عاينت معشرا غلبا (٣)

تسامون كعبا فى العلا وكلابها ... وهيهات أن تلقوا كلابا ولا كعبا

وأهمّ شاعر اصطدم به حاجب بن ذبيان المازنى التميمى، وكان قد أعطاه يزيد بن المهلب جائزة كبيرة لبعض مديحه فيه، فغبطه عليها، وأساء له


(١) تنزو: تثب. الروع: الفزع. الجماميح: ما نبت على رءوس القصب مما إذا دق تطاير. بروق: نبت ضعيف.
(٢) خفية: أجمة فى سواد الكوفة. خزان: جمع خزز وهو ذكر الأرانب وهى معروفة بالجبن. والسملق: الأرض الجرداء لا شجر بها.
(٣) عردت: فرت. بهيلة: تصغير باهلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>