للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَيَعْلَمُ أَنَّ هَذَا إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْحُكْمِ أَوْ لَا فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ حُكْمَ حَاكِمٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ يَجِبُ إلَى مَنْ يَحْكُمُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْحَاكِمِ فَذَاكَ أَبْعَدُ. وَأَيْضًا فَأَنَا لَمْ يُدَّعَ عَلَيَّ دَعْوَى يَخْتَصُّ بِهَا الْحَاكِمُ مِنْ الْحُدُودِ وَالْحُقُوقِ: مِثْلَ قَتْلٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ مَالٍ وَنَحْوِهِ، بَلْ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ الْكُلِّيَّةِ: مِثْلَ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا فِيهِ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَفِيهِ مَا تَنَازَعَتْ فِيهِ. وَالْأُمَّةُ إذَا تَنَازَعَتْ - فِي مَعْنَى آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ حُكْمٍ خَبَرِيٍّ أَوْ طَلَبِيٍّ - لَمْ يَكُنْ صِحَّةُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَفَسَادُ الْآخَرِ ثَابِتًا بِمُجَرَّدِ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ فِي الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ دُونَ الْعَامَّةِ. وَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} هُوَ الْحَيْضُ وَالْأَطْهَارُ وَيَكُونُ هَذَا حُكْمًا يُلْزِمُ جَمِيعَ النَّاسِ، قَوْلَهُ أَوْ يَحْكُمُ بِأَنَّ اللَّمْسَ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هُوَ الْوَطْءُ، وَالْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَهُ أَوْ بِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ أَوْ الْأَبُ وَالسَّيِّدُ. وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَكَذَلِكَ النَّاسُ إذَا تَنَازَعُوا فِي قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فَقَالَ: هُوَ اسْتِوَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ وَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ مَعْلُومٌ وَلَكِنَّ كَيْفِيَّتَهُ مَجْهُولَةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ وَلَا هُنَاكَ شَيْءٌ أَصْلًا. وَلَكِنَّ