للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْعَرْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْحَاكِمِ لِصِحَّةِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَفَسَادِ الْآخَرِ مِمَّا فِيهِ فَائِدَةٌ. وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مَنْ يَنْصُرُ الْقَوْلَ الْآخَرَ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ إذْ يَقُولُ: وَكَذَلِكَ بَابُ الْعِبَادَاتِ: مِثْلُ كَوْنِ مَسِّ الذَّكَرِ يَنْقُضُ أَوْ لَا، وَكَوْنِ الْعَصْرِ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا أَوْ تَأْخِيرُهَا وَالْفَجْرُ يُقْنَتُ فِيهِ دَائِمًا أَوْ لَا أَوْ يُقْنَتُ عِنْدَ النَّوَازِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي عَلَى السُّلْطَانِ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ. إمَّا أَنْ يَحْمِلَهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} . وَإِذَا تَنَازَعُوا فُهِمَ كَلَامُهُمْ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ فَهْمُ الْحَقِّ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ دَعَا النَّاسَ إلَيْهِ وَأَنْ يُقِرَّ النَّاسَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ. كَمَا يُقِرَّهُمْ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ الْعَمَلِيَّةِ. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْبِدْعَةُ ظَاهِرَةً - تَعْرِفُ الْعَامَّةُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلشَّرِيعَةِ - كَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّة. فَهَذِهِ عَلَى السُّلْطَانِ إنْكَارُهَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهَا عَامٌّ، كَمَا عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ الْفَوَاحِشَ وَالْخَمْرَ وَتَرْكَ الصَّلَاةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَمَعَ هَذَا فَقَدَ يَكْثُرُ أَهْلُ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ فِي بَعْضِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ حَتَّى