للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَا يُؤْمِنُ بِي: إلَّا دَخَلَ النَّارَ} . قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} وَمَعْنَى الْحَدِيثِ مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ: لَزِمَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إلَى كُلِّ الطَّوَائِفِ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّرُ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَكْذِبُ وَلَا يُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى طَاعَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَلَا يَسْتَحِلُّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَدِيَارَهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ اللَّهِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَفَعَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ اللَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ: كَانَ كَاذِبًا مُفْتَرِيًا ظَالِمًا: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ} وَكَانَ مَعَ كَوْنِهِ ظَالِمًا مُفْتَرِيًا: مِنْ أَعْظَمِ الْمُرِيدِينَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَفَسَادًا وَكَانَ أَشَرَّ مِنْ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ الظَّالِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمُلُوكَ الْجَبَابِرَةَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ النَّاسَ عَلَى طَاعَتِهِمْ: لَا يَقُولُونَ إنَّا رُسُلُ اللَّهِ إلَيْكُمْ وَمَنْ أَطَاعَنَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانَا دَخَلَ النَّارَ؛ بَلْ فِرْعَوْنُ وَأَمْثَالُهُ لَا يَدْخُلُونَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا إلَّا نَبِيٌّ صَادِقٌ أَوْ مُتَنَبِّئٌ كَذَّابٌ؛ كمسيلمة وَالْأَسْوَدِ وَأَمْثَالِهِمَا. فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ كَيْفَ مَا كَانَ: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ اللَّهِ حَقًّا وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} وَإِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إلَى أَهْلِ الْكِتَابِ