وَإِذَا بَنَيْنَا عَلَى ذَلِكَ فَلَفْظُ الْحَوَادِثِ مُجْمَلٌ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ جِنْسٌ لَهُ نَوْعٌ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَيُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ لَا نَوْعٌ وَلَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْحَوَادِثِ فَإِذَا أُرِيدَ الثَّانِي فَالسَّلَفُ وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَكَثِيرٌ مِنْ طَوَائِفِ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِهِ. وَإِنْ أُرِيدَ " الْأَوَّلُ " فَالنِّزَاعُ فِيهِ مَعَ " الكَرَّامِيَة " وَنَحْوِهِمْ فَمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ حَدَثَ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ بِذَاتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ حَدَثَ صَارَ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَصَارَ مُرِيدًا لِلْفِعْلِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَالْكَلَامُ وَالْإِرَادَةُ الَّذِي قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: يَحْدُثُ بَائِنًا عَنْهُ قَالُوا هُمْ: يَحْدُثُ فِي ذَاتِهِ وَ " الْكُلَّابِيَة " قَالُوا: ذَلِكَ قَدِيمٌ يَحْصُلُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: بَلْ هُوَ حَادِثُ النَّوْعِ يَحْصُلُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ الْقَدِيمَةِ فَمَشِيئَتُهُ الْقَدِيمَةُ عِنْدَهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْجَبَتْ مَا يَقُومُ بِذَاتِهِ. فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّهُ أَحْدَثَ فِي ذَاتِهِ نَوْعَ الْكَلَامِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ السَّلَفِ بَلْ مَذْهَبُ السَّلَفِ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا. فَتَبَيَّنَ أَنَّ خَلْقَهُ لِلْكَلَامِ مُطْلَقًا فِي ذَاتِهِ مُحَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِمْ لَا تَقُومُ بِهِ الْحَوَادِثُ. فَصَارَ هُنَا لِإِبْطَالِ هَذَا الْقَوْلِ " ثَلَاثَةُ مَسَالِكَ " مَسْلَكُ الْكُلَّابِيَة وَمَسْلَكُ الكَرَّامِيَة وَمَسْلَكُ السَّلَفِ؛ فَلِهَذَا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ مِمَّا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute