للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصِّفَاتِ؛ وَلَا يُثْبِتُ إلَّا وَاحِدًا مُعَيَّنًا - فَلَا يُثْبِتُ إلَّا إرَادَةً وَاحِدَةً تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ حَادِثٍ؛ وَسَمْعًا وَاحِدًا مُعَيَّنًا مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ مَسْمُوعٍ وَبَصَرًا وَاحِدًا مُعَيَّنًا مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ مَرْئِيٍّ؛ وَكَلَامًا وَاحِدًا بِالْعَيْنِ يَجْمَعُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ كَمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ. فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: جَمِيعُ الْحَادِثَاتِ صَادِرَةٌ عَنْ تِلْكَ الْإِرَادَةِ الْوَاحِدَةِ الْعَيْنُ الْمُفْرَدَةُ الَّتِي تُرَجِّحُ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ لَا بِمُرَجَّحِ وَهِيَ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ إذَا شَهِدُوا هَذَا لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ فَرْقٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ إلَّا مِنْ حَيْثُ مُوَافَقَتُهَا لِلْإِنْسَانِ وَمُخَالَفَةُ بَعْضِهَا لَهُ فَمَا وَافَقَ مُرَادَهُ وَمَحْبُوبَهُ كَانَ حَسَنًا عِنْدَهُ وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ كَانَ قَبِيحًا عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَسَنَةٌ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَلَا سَيِّئَةٌ يَكْرَهُهَا إلَّا بِمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَةَ هِيَ مَا قُرِنَ بِهَا لَذَّةُ صَاحِبِهَا وَالسَّيِّئَةَ مَا قُرِنَ بِهَا أَلَمُ صَاحِبِهَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَا إلَى الْأَفْعَالِ أَصْلًا؛ وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ لَا يُثْبِتُونَ حَسَنًا وَلَا قَبِيحًا لَا بِمَعْنَى الْمُلَائِمِ لِلطَّبْعِ وَالْمُنَافِي لَهُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ الشَّرْعِيُّ هُوَ مَا دَلَّ صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ لِمَنْ فَعَلَهُ لَذَّةٌ أَوْ حُصُولُ أَلَمٍ لَهُ. وَلِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى عَنْ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَيَجُوزُ نَسْخُ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ بِكُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ. وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ فِي الْوُجُودِ خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ وَلَا حَسَنٌ وَلَا قَبِيحٌ إلَّا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَمَا فِي الْوُجُودِ ضُرٌّ وَلَا نَفْعٌ وَالنَّفْعُ