وَالضُّرُّ أَمْرَانِ إضَافِيَّانِ فَرُبَّمَا نَفَعَ هَذَا مَا ضَرَّ هَذَا. كَمَا يُقَالُ: مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ. فَلَمَّا كَانَ هَذَا حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ وَيَشْهَدُونَهُ صَارُوا حِزْبَيْنِ. حِزْبًا مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ أَقَرُّوا بِالْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَقَالُوا: مَا ثَمَّ فَوْقُ إلَّا الْفَرْقُ الطَّبِيعِيُّ لَيْسَ هُنَا فَرْقٌ يَرْجِعُ إلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ يُحِبُّ هَذَا وَيُبْغِضُ هَذَا. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَضْعُفُ عِنْدَهُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ إمَّا لِقَوْلِهِ بِالْإِرْجَاءِ وَإِمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ لِمَصَالِحِ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا إقَامَةً لِلْعَدْلِ كَمَا يَقُولُ: ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ فَلَا يَبْقَى عِنْدَهُ فَرْقٌ بَيْنَ فِعْلٍ وَفِعْلٍ إلَّا مَا يُحِبُّهُ هُوَ وَيُبْغِضُهُ فَمَا أَحَبَّهُ هُوَ كَانَ الْحَسَنَ الَّذِي يَنْبَغِي فِعْلُهُ وَمَا أَبْغَضَهُ كَانَ الْقَبِيحَ الَّذِي يَنْبَغِي تَرْكُهُ. وَهَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ؛ الَّذِينَ يَرَوْنَ رَأْيَ جَهْمٍ وَالْأَشْعَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا فِي الْقَدَرِ تَجِدُهُمْ لَا يَنْتَهُونَ فِي الْمَحَبَّةِ وَالْبِغْضَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ إلَّا إلَى مَحْضِ أَهْوَائِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ وَهُوَ الْفَرْقُ الطَّبِيعِيُّ. وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُؤْمِنًا بِالْوَعْدِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ الْوَاجِبَاتِ وَيَتْرُكُ الْمُحَرَّمَاتِ لَكِنْ لِأَجْلِ مَا قُرِنَ بِهِمَا مِنْ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنِكَاحٍ وَهَؤُلَاءِ يُنْكِرُونَ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَالتَّلَذُّذَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ وَعِنْدَهُمْ إذَا قِيلَ: إنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute