يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ نَفْسُ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ مِنْ لَبِيَدٍ هُوَ نَفْسَ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ مِنْ الْمُنْشِدِ؛ لَكِنَّ نَفْسَ الْمَقْصُودِ بِالصَّوْتِ هُوَ الْكَلَامُ؛ فَإِنَّ الصَّوْتَ وَاسِطَةٌ فِي تَبْلِيغِهِ؛ وَلِهَذَا مَا كَانَ فِي الصَّوْتِ مِنْ مَدْحٍ وَذَمٍّ كَانَ لِلْمُبَلِّغِ وَمَا كَانَ فِي الْكَلَامِ مِنْ مَدْحٍ وَذَمٍّ كَانَ لِلْمُتَكَلِّمِ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ فِي لَفْظِهِ وَنَظْمِهِ وَمَعْنَاهُ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا: فَقَوْلُ الْقَائِلِ: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي نَتْلُوهُ الْقَائِمُ بِنَا حِينَ التِّلَاوَةِ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي قَامَ بِهِ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ وَكَانَ صِفَةً لَهُ أَمْ لَا؟ قِيلَ لَهُ: أَمَّا الْكَلَامُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ لَا كَلَامُنَا وَلَا غَيْرُنَا وَهُوَ مَسْمُوعٌ مِنْ الْمُبَلِّغِ لَا مِنْ اللَّهِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَهُوَ مَسْمُوعٌ بِوَاسِطَةِ سَمَاعًا مُقَيَّدًا لَا سَمَاعًا مِنْ اللَّهِ مُطْلَقًا - كَمَا تَقَدَّمَ - وَلَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا قَامَ بِذَاتِهِ فَارَقَهُ وَانْتَقَلَ إلَيْنَا وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَخْتَصُّ بِذَوَاتِنَا - كَحَرَكَاتِنَا وَأَصْوَاتِنَا فَهُوَ مِنَّا - قَائِمًا بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي نَتْلُوهُ الْقَائِمُ بِنَا حِينَ التِّلَاوَةِ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي قَامَ بِهِ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ؟ فَلَفْظُ الْقِيَامِ فِيهِ إجْمَالٌ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ نَفْسَ صِفَةِ الرَّبِّ تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ أَوْ صِفَةُ الْعَبْدِ تَكُونُ صِفَةً لِلرَّبِّ فَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ نَفْسَ مَا لَيْسَ بِمَخْلُوقِ صَارَ مَخْلُوفًا أَوْ مَا هُوَ مَخْلُوقٌ صَارَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَا اخْتَصَّ الرَّبُّ بِقِيَامِهِ بِهِ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute