للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} فَمَنْ اسْتَغْفَرَ وَتَابَ كَانَ آدَمِيًّا سَعِيدًا وَمَنْ أَصَرَّ وَاحْتَجَّ بِالْقَدَرِ كَانَ إبليسيا شَقِيًّا؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لإبليس {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} . وَهَذَا الْمَوْضِعُ ضَلَّ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْخَائِضِينَ فِي الْحَقَائِقِ فَإِنَّهُمْ يَسْلُكُونَ أَنْوَاعًا مِنْ الْحَقَائِقِ الَّتِي يَجِدُونَهَا وَيَذُوقُونَهَا وَيَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ فِيمَا خَالَفُوا فِيهِ الْأَمْرَ فيضاهئون الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَبْتَدِعُونَ دِينًا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَيَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ. (وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ) مِنْ الضَّالِّينَ فِي الْقَدَرِ: مَنْ خَاصَمَ الرَّبَّ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - كَمَا يَذْكُرُونَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ إبْلِيسَ - وَهَؤُلَاءِ خُصَمَاءُ اللَّهِ وَأَعْدَاؤُهُ. وَأَمَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ: فَيُؤْمِنُونَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيَفْعَلُونَ الْمَأْمُورَ وَيَتْرُكُونَ الْمَحْظُورَ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْمَقْدُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} فَالتَّقْوَى تَتَنَاوَلُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ وَالصَّبْرُ يَتَضَمَّنُ الصَّبْرَ عَلَى الْمَقْدُورِ. وَهَؤُلَاءِ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي أَنْفُسِهِمْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَأَنَّ مَا أَصَابَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُمْ وَمَا أَخْطَأَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُمْ فَسَلَّمُوا الْأَمْرَ لِلَّهِ وَصَبَرُوا عَلَى مَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ. وَأَمَّا إذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيُسَابِقُونَ إلَى