ثَوَابَ أَكْمَلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ - زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ - لِأَنَّهُ شَارَكَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْإِيمَانِ وَنَالَ مِنْهُ أَعْلَى مَرَاتِبِهِ وَامْتَازَ عَنْهُمْ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ وَقَوْلُهُ: {أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ كَلَامُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَمِنْهُ نَزَلَ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} وَقَالَ: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . وَهَذَا أَحَدُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْقُرْآنِ قَالُوا: فَلَوْ كَانَ كَلَامًا لِغَيْرِ اللَّهِ لَكَانَ مُنَزَّلًا مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا مِنْ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ صِفَةٌ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} فَإِنَّ تِلْكَ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا فَهِيَ مِنْهُ خَلْقًا وَأَمَّا " الْكَلَامُ " فَوَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمُتَكَلِّمِ فَلَمَّا كَانَ مِنْهُ فَهُوَ كَلَامُهُ؛ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ. ثُمَّ شَهِدَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُهُمْ ثُمَّ شَهِدَ لَهُمْ جَمِيعًا بِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إيمَانَهُمْ بِقَوَاعِدِ الْإِيمَانِ الْخَمْسَة الَّتِي لَا يَكُونُ أَحَدٌ مُؤْمِنًا إلَّا بِهَا وَهِيَ: الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى هَذِهِ الْأُصُولَ الْخَمْسَةَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَوَسَطِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute