وَآخِرِهَا فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} فَالْإِيمَانُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِهِ يَتَضَمَّنُ الْإِيمَانَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَالَ: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} وَالْإِيمَانُ بِاَللَّهِ يَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ وَفِي الْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ فَتَضَمَّنَتْ الْإِيمَانَ بِالْقَوَاعِدِ الْخَمْسِ. وَقَالَ فِي وَسَطِهَا: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} ثُمَّ حَكَى عَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} فَنُؤْمِنُ بِبَعْضِ وَنَكْفُرُ بِبَعْضِ فَلَا يَنْفَعُنَا إيمَانُنَا بِمَنْ آمَنَّا بِهِ مِنْهُمْ كَمَا لَمْ يَنْفَعْ أَهْلَ الْكِتَابِ ذَلِكَ؛ بَلْ نُؤْمِنُ بِجَمِيعِهِمْ وَنُصَدِّقُهُمْ وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَقَدْ جَمَعَتْهُمْ رِسَالَةُ رَبِّهِمْ فَنُفَرِّقُ بَيْنَ مَنْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَنُعَادِي رُسُلَهُ وَنَكُونُ مُعَادِينَ لَهُ. فَبَايَنُوا بِهَذَا الْإِيمَانِ جَمِيعَ طَوَائِفِ الْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ لِجِنْسِ الرُّسُلِ. وَالْمُصَدِّقِينَ لِبَعْضِهِمْ الْمُكَذِّبِينَ لِبَعْضِهِمْ. وَتَضَمَّنَ إيمَانُهُمْ بِاَللَّهِ إيمَانَهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَصِفَاتِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَعُمُومِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَكَمَالِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ فَبَايَنُوا بِذَلِكَ جَمِيعَ طَوَائِفِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ أَوْ لِشَيْءِ مِنْهُ؛ فَإِنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ وَتَنْزِيهَهُ عَمَّا نَزَّهَ نَفْسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute