للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ فَبَايَنُوا بِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعَ طَوَائِفَ الْكُفْرِ وَفِرَقِ أَهْلِ الضَّلَالِ الْمُلْحِدِينَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ. ثُمَّ قَالُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُمْ بِرُكْنَيْ الْإِيمَانِ الَّذِي لَا يَقُومُ إلَّا بِهِمَا وَهُمَا السَّمْعُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبُولِ؛ لَا مُجَرَّدَ سَمْعِ الْإِدْرَاكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ؛ بَلْ سَمْعَ الْفَهْمِ وَالْقَبُولِ و " الثَّانِي " الطَّاعَةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِكَمَالِ الِانْقِيَادِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَهَذَا عَكْسُ قَوْلِ الْأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا. فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ كَمَالَ إيمَانِهِمْ وَكَمَالَ قَبُولِهِمْ وَكَمَالَ انْقِيَادِهِمْ ثُمَّ قَالُوا: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُوَفُّوا مَقَامَ الْإِيمَانِ حَقَّهُ مَعَ الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ تَمِيلَ بِهِمْ غلبات الطِّبَاعِ وَدَوَاعِي الْبَشَرِيَّةِ إلَى بَعْضِ التَّقْصِيرِ فِي وَاجِبَاتِ الْإِيمَانِ وَأَنَّهُ لَا يَلُمُّ شَعَثُ ذَلِكَ إلَّا مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ سَأَلُوهُ غُفْرَانَهُ الَّذِي هُوَ غَايَةُ سَعَادَتِهِمْ وَنِهَايَةُ كَمَالِهِمْ؛ فَإِنَّ غَايَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ الْمَغْفِرَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالُوا: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} ثُمَّ اعْتَرَفُوا أَنَّ مَصِيرَهُمْ وَمَرَدَّهُمْ إلَى مَوْلَاهُمْ الْحَقِّ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهِ فَقَالُوا: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} . فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ إيمَانَهُمْ بِهِ وَدُخُولَهُمْ تَحْتَ طَاعَتِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ