رَأْسَهُ وَوَجِعَ بَطْنَهُ وَرَشَدَ أَمْرَهُ. وَكَانَ الْأَصْلُ سَفِهَتْ نَفْسُهُ وَرَشَدَ أَمْرُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: غَبِنَ رَأْيُهُ وَبَطِرَتْ نَفْسُهُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} مِنْ هَذَا الْبَابِ فَالْمَعِيشَةُ نَفْسُهَا بَطِرَتْ فَلَمَّا كَانَ الْفِعْلُ. . . (١) نَصَبَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} فَقَوْلُهُ: {سَفِهَ نَفْسَهُ} مَعْنَاهُ إلَّا مَنْ سَفِهَتْ نَفْسُهُ أَيْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَمَّا أَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِ نَصَبَهَا عَلَى التَّمْيِيزِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنَّ ذَاكَ نَكِرَةٌ وَهَذَا مَعْرِفَةٌ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْكُوفِيُّونَ أَصَحُّ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ السَّفِيهُ نَفْسُهُ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ تَخْتَانُ أَنْفُسُكُمْ فَالْأَنْفُسُ هِيَ الَّتِي اخْتَانَتْ كَمَا أَنَّهَا هِيَ السَّفِيهَةُ. وَقَالَ: اخْتَانَتْ وَلَمْ يَقُلْ خَانَتْ؛ لِأَنَّ الِافْتِعَالَ فِيهِ زِيَادَةُ فِعْلٍ عَلَى مَا فِي مُجَرَّدِ الْخِيَانَةِ قَالَ عِكْرِمَةُ: وَالْمُرَادُ بِاَلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ابْنُ أبيرق الَّذِي سَرَقَ الطَّعَامَ وَالْقُمَاشَ وَجَعَلَ هُوَ وَقَوْمُهُ يَقُولُونَ: إنَّمَا سَرَقَ فُلَانٌ لِرَجُلِ آخَرَ.
(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute