الْأَفْعَالَ الْمَأْمُورَ بِهَا كُلٌّ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ أَفْضَلُ فَالصَّلَاةُ إلَى الْقُدْسِ قَبْلَ النَّسْخِ كَانَتْ أَفْضَلَ وَبَعْدَ النَّسْخِ الصَّلَاةُ إلَى الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ. وَعَلَى مَا ذُكِرَ فَيَتَوَجَّهُ الِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ إلَّا قُرْآنٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد بَلْ هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عَنْهُ صَرِيحًا أَنْ لَا يَنْسَخَ الْقُرْآنَ إلَّا قُرْآنٌ يَجِيءُ بَعْدَهُ وَعَلَيْهَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمَنْسُوخِ مِنْ بَدَلٍ مُمَاثِلٍ أَوْ خَيْرٍ وَوَعْدٍ بِأَنَّ مَا أَنْسَاهُ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ كَذَلِكَ وَأَنَّ مَا أَخَّرَهُ فَلَمْ يَأْتِ وَقْتُ نُزُولِهِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ الْقُرْآنُ الَّذِي رُفِعَ أَوْ آخَرُ مِثْلُهُ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ وَلَوْ نُسِخَ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ مِثْلُهُ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ مَا وَعَدَ اللَّهُ. وَإِنْ قِيلَ بَلْ يَأْتِي بَعْدَ نَسْخِهِ بِالسُّنَّةِ كَانَ بَيْنَ نَسْخِهِ وَبَيْنَ الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ مُدَّةٌ خَالِيَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَقْصُودِ الْآيَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَرْفُوعِ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ {نَأْتِ} لَمْ يَرِدْ بِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّ الَّذِي نَسَأَهُ وَهُوَ يُرِيدُ إنْزَالَهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُنْزِلُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ مَا أَخَّرَهُ يَأْتِي بِمِثْلِهِ أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ قَبْلَ نُزُولِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الْأَمْرَ بِلَا بَدَلٍ فَلَوْ جَازَ أَنْ يَبْقَى مُدَّةً بِلَا بَدَلٍ لَكَانَ مَا لَمْ يُنْزِلْ أَحَقَّ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَدَلٌ مِنْ الْمَنْسُوخِ فَلَمَّا كَانَ ذَاكَ قَدْ حَصَلَ لَهُ بَدَلٌ قَبْلَ وَقْتِ نُزُولِهِ لِتَكْمِيلِ الْإِنْعَامِ فَلَأَنْ يَكُونُ الْبَدَلُ لَمَّا نُسِخَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute