بِهِ فِي الْغَالِبِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ} أَيْ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا تِلَاوَةً لَا يَفْهَمُونَ مَعْنَاهَا وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا الْقِرَاءَةَ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّمَا يَسْمَعُ أَمَانِيَّ عِلْمًا كَمَا قَالَ ابْنُ السَّائِبِ وَيَتَنَاوَلُ مَنْ يَقْرَؤُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ وَلَا يَقْرَؤُهُ مِنْ الْكِتَابِ كَمَا قَالَ أَبُو رَوْقٍ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ} أَيْ الْخَطَّ أَيْ لَا يُحْسِنُونَ الْخَطَّ وَإِنَّمَا يُحْسِنُونَ التِّلَاوَةَ وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا مِنْ يُحْسِنُ الْخَطَّ وَالتِّلَاوَةَ وَلَا يَفْهَمُ مَا يَقْرَأهُ وَيَكْتُبُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وقتادة غَيْرَ عَارِفِينَ مَعَانِي الْكِتَابِ يَعْلَمُونَهَا حِفْظًا وَقِرَاءَةً بِلَا فَهْمٍ وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ وَالْكِتَابُ هُنَا الْمُرَادُ بِهِ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ وَهُوَ التَّوْرَاةُ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَطَّ فَإِنَّهُ قَالَ: {وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ الْعِلْمَ بِمَعَانِي الْكِتَابِ وَإِلَّا فَكَوْنُ الرَّجُلِ لَا يَكْتُبُ بِيَدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ بَلْ يَظُنُّ ظَنًّا؛ بَلْ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَكْتُبُ بِيَدِهِ لَا يَفْهَمُ مَا يَكْتُبُ وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَكْتُبُ يَكُونُ عَالِمًا بِمَعَانِي مَا يَكْتُبُهُ غَيْرُهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ هَذَا فِي سِيَاقِ الذَّمِّ لَهُمْ وَلَيْسَ فِي كَوْنِ الرَّجُلِ لَا يَخُطُّ ذَمٌّ إذَا قَامَ بِالْوَاجِبِ وَإِنَّمَا الذَّمُّ عَلَى كَوْنِهِ لَا يَعْقِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute