الْكِتَابَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَتَبَهُ وَقَرَأَهُ أَوْ لَمْ يَكْتُبْهُ وَلَمْ يَقْرَأْهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ. فَقَالَ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاَللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا فَقَالَ لَهُ: إنْ كُنْت لَأَحْسَبُك مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَتْ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ} وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَلِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى قَبْلَ هَذَا: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فَأُولَئِكَ عَقَلُوهُ ثُمَّ حَرَّفُوهُ وَهُمْ مَذْمُومُونَ سَوَاءٌ كَانُوا يَحْفَظُونَهُ بِقُلُوبِهِمْ وَيَكْتُبُونَهُ وَيَقْرَءُونَهُ حِفْظًا وَكِتَابَةً أَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَذْكُرَ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَهُ وَهُمْ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا أَمَانِيَّ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ وَيَذْكُرُ فِيهِ الْأَقْسَامَ وَالْأَمْثَالَ فَيَسْتَوْعِبُ الْأَقْسَامَ فَيَكُونُ مَثَانِيَ وَيَذْكُرُ الْأَمْثَالَ فَيَكُونُ مُتَشَابِهًا وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانُوا يَكْتُبُونَ وَيَقْرَءُونَ فَهُمْ أُمِّيُّونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا نَقُولُ نَحْنُ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ هُوَ أُمِّيٌّ وَسَاذِجٌ وَعَامِّيٌّ وَإِنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَيَقْرَأُ الْمَكْتُوبَ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ ذَمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ إلَّا تِلَاوَةً دُونَ فَهْمِ مَعَانِيهِ كَمَا ذَمَّ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ دَلَّ عَلَى أَنَّ كِلَا النَّوْعَيْنِ مَذْمُومٌ: الْجَاهِلُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute