لَا يَفْهَمُ مَعَانِيَ النُّصُوصِ وَالْكَاذِبُ الَّذِي يُحَرِّفُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَهَذَا حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ فَإِنَّهُمْ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إمَّا رَجُلٌ يُحَرِّفُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَتَكَلَّمُ بِرَأْيِهِ وَيُؤَوِّلُهُ بِمَا يُضِيفُهُ إلَى اللَّهِ فَهَؤُلَاءِ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَجْعَلُونَ تِلْكَ الْمَقَالَاتِ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا هِيَ مَقَالَةَ الْحَقِّ وَهِيَ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ وَاَلَّتِي كَانَ عَلَيْهَا السَّلَفُ وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ يُحَرِّفُونَ النُّصُوصَ الَّتِي تُعَارِضُهَا. فَهَؤُلَاءِ إذَا تَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَعَلِمُوا أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ فَهُمْ مِنْ جِنْسِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ وَهَذَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ فِي غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الَّذِينَ قَصْدُهُمْ اتِّبَاعُ الرَّسُولِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَغَلِطُوا فِيمَا كَتَبُوهُ وَتَأَوَّلُوهُ فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِهِمْ؛ لَكِنْ قَدْ وَقَعَ بِسَبَبِ غَلَطِهِمْ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْبَاطِلِ كَمَا قِيلَ: إذَا زَلَّ الْعَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالِمٌ وَهَذَا حَالُ الْمُتَأَوِّلِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَإِمَّا رَجُلٌ مُقَلِّدٌ أُمِّيٌّ لَا يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ إلَّا مَا يَسْمَعُهُ مِنْهُمْ أَوْ مَا يَتْلُوهُ هُوَ وَلَا يَعْرِفُ إلَّا أَمَانِيَّ وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ وَلَا يَتَدَبَّرُونَهُ وَلَا يَعْقِلُونَهُ كَمَا صَرَّحَ الْقُرْآنُ بِذَمِّهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَكْثَرَ الْقُرْآنِ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ الْخَلْقِ إلَّا أَمَانِيَّ لَا جِبْرِيلُ وَلَا مُحَمَّدٌ وَلَا الصَّحَابَةُ وَلَا أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute