مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ لَهُمْ بِهَؤُلَاءِ فِيمَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَعْرِفَةُ مَعْنَى كُلِّ آيَةٍ؟ قِيلَ: نَعَمْ لَكِنَّ مَعْرِفَةَ مَعَانِي الْجَمِيعِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَعْرِفَةُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهَؤُلَاءِ ذَمَّهُمْ اللَّهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَعَانِيَ الْكِتَابِ إلَّا تِلَاوَةً وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الظَّنُّ وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} . فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: {إلَّا أَمَانِيَّ} إلَّا مَا يَقُولُونَهُ بِأَفْوَاهِهِمْ كَذِبًا وَبَاطِلًا وَرُوِيَ هَذَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ: الْأَمَانِيُّ الْأَكَاذِيبُ الْمُفْتَعَلَةُ قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لِابْنِ دَأْبٍ - وَهُوَ يُحَدِّثُ - أَهَذَا شَيْءٌ رَوَيْته أَمْ تَمَنَّيْته أَيْ افْتَعَلْته فَأَرَادَ بِالْأَمَانِيِّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي كَتَبَهَا عُلَمَاؤُهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ أَضَافُوهَا إلَى اللَّهِ مِنْ تَغْيِيرِ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَمَانِيُّ يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ كَقَوْلِهِمْ: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} وَقَوْلِهِمْ: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} وَقَوْلِهِمْ: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} وَهَذَا أَيْضًا يُرْوَى عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ. قِيلَ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute