للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَرَّمَ سُبْحَانَهُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَهُوَ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا سُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ اللَّحْمُ لَا الْقُرْبَانُ وَلَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَنَهَى عَنْ ذَبَائِحَ الْجِنِّ وَكَانُوا يَذْبَحُونَ لِلْجِنِّ بَلْ حَرَّمَ اللَّهُ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أَيْ انْحَرْ لِرَبِّك كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ: {إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَقَدْ قَالَ هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ إذْ يَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} فَالْمَنَاسِكُ هُنَا مَشَاعِرُ الْحَجِّ كُلُّهَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} وَقَالَ: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} . فَالْمَقْصُودُ تَقْوَى الْقُلُوبِ لِلَّهِ وَهُوَ عِبَادَتُهَا لَهُ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ. بِغَايَةِ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَالْعُبُودِيَّةُ فِيهَا غَايَةُ الْمَحَبَّةِ وَغَايَةُ الذُّلِّ وَالْإِخْلَاصِ وَهَذِهِ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ عِبَادَةَ الْقُلُوبِ هِيَ الْأَصْلُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ}