للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشهر المصنفات فى هذا الاتجاه مسند ابن حنبل المتوفى سنة ٢٤١ وهو مطبوع فى ستة أجزاء ضخام.

وبجانب الطريقتين السالفتين فى تصنيف الحديث أخذت تشيع طريقة ثالثة توزّع فيها الأحاديث على المعانى والموضوعات التى تتصل بها فقهية وغير فقهية، ومن أقدم من ألفوا فيها أبو بكر عبد الله بن أبى شيبة المتوفّى سنة ٢٣٥ وفيه يقول المقريزى: «تفرد بتكثير الأبواب وجودة التصنيف وحسن التأليف» (١) واتبع طريقتة فى العصر العباسى الثانى البخارى وغيره من أصحاب الصّحاح الستة.

وأخذ المحدّثون منذ هذا العصر يعرضون رواة الحديث على نقد شديد حتى يحيطوه بسياج متين من الصحة والثقة، مما أدّى إلى نشوء علم هو علم الرجال أو علم التعديل والتجريح، وهو علم محّص مادة الحديث ونفى عنها الزيف والتدليس، وأهم من بدأ التصنيف فيه-كما أسلفنا فى غير هذا الموضع-محمد بن سعد ويحيى بن معين. ومن العلوم التى نشأت حول الحديث لهذا العصر علم غريبه، وهو علم يعنى بتفسير ما فيه من ألفاظ غريبة، وقد ألف فيه كثيرون من لغويى (٢) هذا العصر وعلى رأسهم أبو عبيد القاسم بن سلام.

وإذا تركنا التصنيف فى الحديث إلى التصنيف فى تفسير القرآن الكريم وجدنا مصنفات كثيرة فيه تستمد مما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وخاصة أبىّ بن كعب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وما أذاعه تلاميذه الكثيرون عنه، وقد سجل ابن النديم أسماء طائفة كبيرة من هذه المصنفات (٣)، وتولاّها العلماء بالجرح والتعديل، فمنها ما اتهموه ومنها ما وثقوه، وقد أجمعوا على صحة ما دوّنه على بن أبى طلحة المصرى عن ابن عباس، وفى ذلك يقول ابن حنبل: «بمصر صحيفة فى التفسير (عن ابن عباس) رواها ابن أبى طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا» (٤). ومن أهم المفسرين فى هذا العصر بتلك الطريقة التى تعتمد على التفسير بالمأثور سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم بالمدينة ووكيع بن الجراح وأبو بكر بن أبى شيبة. وقد ضاعت كتبهم هم


(١) خطط المقريزى ٤/ ١٤٣.
(٢) الفهرست ص ١٢٩.
(٣) الفهرست ص ٥٠.
(٤) الإتقان للسيوطى (طبع مطبعة حجازى) ٢/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>