للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سبقهم غير أن الطبرى احتفظ فى تفسيره الكبير بكل هذه الثروة المأثورة الغنية.

وقد أخذ الشيعة يستقلون-منذ هذا العصر-بتفاسير للقرآن خاصة بهم، لعل أهمها تفسير (١) جعفر الصادق المتوفى سنة ١٤٨، إن صحت نسبته إليه.

ونشط المعتزلة فى كتابة تصانيف عن المتشابه فى القرآن على نحو ما يروى عن بشر (٢) بن المعتمر وأبى الهذيل (٣) العلاف، وما زالوا يعنون بتأويل الآيات التى قد تفيد التشبيه على الله أو تفيد الجبر وبمباحث مختلفة حول القرآن وإعجازه حتى استطاع أخيرا أبو بكر الأصم المتوفى سنة ٢٣٢ أن يصنف أول (٤) تفسير اعتزالى.

ونشأت بجانب التفسير-لهذا العصر-علوم قرآنية كثيرة، أحصاها ابن النديم إحصاء دقيقا، ذاكرا أهم من صنفوا فيها ومصنفاتهم (٥)، وهى علم نقطه وشكله وأهم من ألفوا فيه الخليل بن أحمد ومعروف أنه أول من ابتكر الشكل فى العربية، وقد أخذه من صور حروف العلل الممدودة فالضمة واو صغيرة الصورة والكسرة ياء تحت الحرف والفتحة ألف مبطوحة فوقه (٦). ومن تلك العلوم علم الوقف والابتداء فى آياته، وممن ألفوا فيه الفراء، وعلم غريبه وممن ألفوا فيه محمد بن سلام الجمحى وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعلم لغاته وممن صنفوا فيه الأصمعى وأبو زيد الأنصارى، وعلم معانيه وممن صنفوا فيه انفراء وأبو عبيدة، وعلم قراءاته وممن صنفوا فيه أبو عمرو بن العلاء وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعلم ناسخه ومنسوخه وممن صنفوا فيه أحمد بن حنبل، وعلم أحكامه وممن صنفوا فيه الشافعى ويحيى بن أكثم صفى المأمون وقاضيه.

وازدهرت دراسات الفقه فى هذا العصر ازدهارا عظيما، فإذا الفقهاء يصوغونه صياغة علمية دقيقة على نحو ما صاغ اللغويون النحو وغيره من العلوم اللغوية.

ومعروف أن الإسلام فتح أمام الفقهاء أبواب الاجتهاد على مصاريعها، وكان منهم من يبحث عن نص من القرآن أو السنة يهتدى به فى فتواه، وقلما اعتمد عقله أو استنباطه العقلى، ومنهم من كان يتسع فى الاستنباط والقياس


(١) تاريخ الأدب العربى لبروكلمان (طبع دار المعارف) ٣/ ٣٤٣.
(٢) الفهرست ص ٥١.
(٣) الفهرست ص ٥٥.
(٤) انظر مذاهب التفسير الإسلامى لجولد تسيهر (نشر الخانجى) ص ١٣٥.
(٥) الفهرست ص ٥١ - ٥٧.
(٦) المحكم فى نقط المصاحف ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>