للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاريخا وفقها وقصصا كثيرا (١)، فأما التاريخ فنظم فيه سيرتى أردشير وأنوشروان، وأما الفقه فنظم فيه الأحكام المتعلقة ببابى الصوم والزكاة، وصنع قصيدة فى مبدأ الخلق وضمنها شيئا من المنطق. وأهم من ذلك كله أنه نظم فى القصص كتاب كليلة ودمنة فى أربعة عشر ألف بيت. وفى كتاب الأوراق للصولى قطعة كبيرة من منظومته الفقهية وقطع أخرى من نظمه لكليلة ودمنة، ونراه يستهلها بقوله (٢):

هذا كتاب أدب ومحنه ... وهو الذى يدعى كليله دمنه

فيه دلالات وفيه رشد ... وهو كتاب وضعته الهند

فوصفوا آداب كلّ عالم ... حكاية عن ألسن البهائم

فالحكماء يعرفون فضله ... والسخفاء يشتهون هزله

وهو على ذاك يسير الحفظ ... لذّ على اللسان عند اللّفظ

ويتأثره ابنه حمدان فى هذا الضرب من الشعر التعليمى فينظم مزدوجة طويلة مسرفة فى الطول يصف فيها الحب وأهله وطبيعته وصوره المختلفة. وعلى قبس من عمل أبان ينظم أبو العتاهية مزدوجته التى سماها «ذات الأمثال» وهى-كما يتضح من اسمها-حكم وأمثال، ويقال إنها كانت تبلغ أربعة آلاف بيت. وقد أنشد أبو الفرج فى ترجمته قطعة منها، ومن قوله فى تضاعيفها (٣):

حسبك مما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت

لكل ما يؤذى-وإن قلّ-ألم ... ما أطول الليل على من لم ينم

ما انتفع المرء بمثل عقله ... وخير ذخر المرء حسن فعله

إن الفساد ضدّه الصلاح ... وربّ جدّ جرّه المزاح

واقتفى محمد بن إبراهم الفزارى أثر أبان، فنظم فى علم النجوم مزدوجة طويلة، يقول ياقوت إنها كانت تدخل فى عشرة مجلدات، وقد بناها من ثلاثة أقفال أو


(١) انظر ترجمة أبان فى كتاب الأوراق للصولى (قسم أخبار الشعراء) وفى الأغانى (طبع الساسى) ٢٠/ ٧٣.
(٢) الأوراق للصولى (قسم أخبار الشعراء) ص ٤٦.
(٣) أغانى (طبع دار الكتب) ٤/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>