للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطيفه يلقانى ... وشخصه غير دانى

أغرّ كالبدر تعشى ... بحسنه العينان

ولم يلبث الشاعر العباسى أن حاول النفوذ إلى أوزان جديدة، وإذا هو يكتشف وزنين سجلهما الخليل بن أحمد حين وضع نظرية العروض، وهما وزنا المضارع والمقتضب، أما المضارع فأجزاؤه مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن، ودائما تحذف فيه التفعيلة الأخيرة، ومنه مقطوعة أبى العتاهية (١):

أبا عتب ما يضرّ ... ك أن تطلقى صفادى (٢)

وأما المقتضب فأجزاؤه مفعولات مستفعلن مستفعلن، وتحذف منه التفعيلة الأخيرة أيضا، كما يلقانا عند أبى نواس فى مقطوعته (٣):

حامل الهوى تعب ... يستخفّه الطّرب

إن بكى يحقّ له ... ليس ما به لعب

وواضح أن هذا الوزن أكمل نغما وإيقاعا من سابقه، ولعل ذلك هو الذى جعله يشيع ويتداوله الشعراء، بينما كادوا يهملون المضارع. واكتشف الشاعر لعباسى أيضا وزن المتدارك أو الخبب، ويقال إن الخليل لم يسجله فى عروضه، إنما سجله تلميذه الأخفش (٤)، ولكنه إن كان لم يقترح له اسما فإنه عرفه ونظم منه أشعارا مختلفة (٥)، من مثل:

أبكيت على طلل طربا ... فشجاك وأحزنك الطّلل

ومثل:

ليس المرء الحامى أنفا ... مثل المرء الضّيم الراضى (٦)


(١) الفصول والغايات لأبى العلاء ص ١٣٢.
(٢) الصفاد: القيد.
(٣) الديوان ص ٣١٦.
(٤) شرح الدمنهورى على الكافية (طبع مكتبة محمود توفيق) ص ٣٩.
(٥) إنباه الرواة ١/ ٣٤٢ وانظر مراتب النحويين لأبى الطيب اللغوى ص ٣٢.
(٦) الحامى أنفا: العزيز الأبى. الضيم: الذليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>