للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحر الرجز. وتنسب إلى الوليد بن يزيد منظومة من هذا الطراز صاغ فيها خطبة من خطب يوم الجمعة (١)، وإذا صح ذلك كان هو أول من استحدثه، ثم تلاه العباسيون وفى مقدمتهم بشار، إذ نعته الجاحظ بأنه صاحب مزدوج (٢)، وإن كنا لا نجد منه أمثلة فيما طبع من ديوانه. وبمجرد أن ظهر الشعر التعليمى ازدهر هذا الضرب الجديد، إذ صاغ أبان بن عبد الحميد فيه كل ما نظمه من قصص وتاريخ وعلم ودين، وكذلك صنع محمد بن إبراهيم الفزارى فى مزدوجته الفلكية، وإن جعل وحدتها ثلاثة شطور لا شطرين. وقد نظم أبو العتاهية من هذا النمط الجديد مزدوجته «ذات الأمثال» وسبق أن اقتبسنا منها أبياتا. ويقول الجاحظ إنه لم يكن أحد أقوى على النظم فى المزدوج من بشر بن المعتمر وإنه كان أقدر فيه من أبان بن عبد الحميد (٣)، وقد روى له فى الحيوان مزدوجة طويلة، فى تفضيل على بن أبى طالب والرد على الخوارج (٤). وللرقاشى مزدوجة طويلة فى المجون والخلاعة (٥) وكذلك لبكر بن خارجة مزدوجة فى أعياد النصارى وشرائعهم وأديرتهم (٦). ونرى الفرس حين يعودون إلى لغتهم ويحدثون نهضتهم الأدبية يستخدمون هذا الضرب من الشعر فى قصصهم متخذين له اسما جديدا هو «المثنوى». ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه هو الذى رشح لظهور الرباعيات فى الأدبين العربى والفارسى، وهى تتألف من أربعة شطور، تتفق أولها وثانيها ورابعها فى قافية واحدة، أما الشطر الثالث فقد يتخذ نفس القافية وقد لا يتخذها، من مثل قول بشار مازحا مع جاريته ربابة (٧):

ربابة ربّة البيت ... تصبّ الخلّ فى الزّيت

لها عشر دجاجات ... وديك حسن الصّوت

ويروى أن حماد عجرد صاغ من هذا النمط الرباعى أشعارا مزاوجة كان يقرأ بها الزنادقة من أمثاله فى صلاتهم (٨)، ومما يروى من رباعياته غير الدينية قوله


(١) أغانى (طبع دار الكتب) ٧/ ٥٧.
(٢) البيان والتبيين ١/ ٤٩.
(٣) أمالى المرتضى ١/ ١٨٧.
(٤) الحيوان ٦/ ٤٥٥.
(٥) ابن المعتز ص ٢٢٦.
(٦) أغانى (طبعة الساسى ٢٠/ ٨٧.
(٧) أغانى (طبعة دار الكتب) ٣/ ١٦٣.
(٨) أغانى ١٤/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>