كما نصنع فى عاميتنا المصرية فنقول «النهاردا» بدلا من هذا النهار. وتلقانا عندهم ذو الطائية التى تستخدم اسما موصولا فى مثالها المشهور «بئرى ذو حفرت وذو طويت» أى الذى حفرت والذى طويت.
وهذه اللهجة بصفة عامة أقرب إلى عربية الجاهليين من اللهجتين اللحيانية والثمودية سواء فى الضمائر واستخدام العدد أو فى أسماء الأعلام وصيغ الفعل، فنحن لا نجد عندهم هفعل، بينما نجد الفعل المبنى للمعلوم والمبنى للمجهول، وهى تتشابه مع العربية الفصحى فى تصريف الأفعال ومصادرها ففعّل مصدره تفعيل أو تفعلة وفاعل مصدره فعال أو مفاعلة وأفعل مصدره إفعال وانفعل مصدره انفعال وهلم جرّا. ونراها تدخل تاء التأنيث على الكلمة للفرق بين المذكر والمؤنث، وتشيع فيها أدوات الجر المعروفة فى العربية الفصيحة، وتعطف بالواو والفاء، وتنادى بها وبيا. والحروف جميعها هى نفس حروف عربيتنا عددا، ويشيع تسهيل الهمزة فيها، وخاصة فى أول الكلمة فعندهم ونس بدلا من أنس وودم بدلا من أدم. وكانت قبيلة هذيل تصنع نفس الصنيع فتقول وشاح بدلا من إشاح. ومن ذلك أنهم يقولون واكل بدلا من آكل على نحو ما نصنع فى لهجاتنا العربية المعاصرة، وهم لا يدغمون الحرف الثانى مع الثالث فى الأسماء المشتقة من الفعل المضاعف مثل ظن فيقولون أو يكتبون ظانن، بالضبط كما ننطق فى عاميتنا مادد بدلا من مادّ. ومن أفعالهم المنقوصة التى احتفظت بها العربية: شتى وبنى وأتى ونجا ورعى ودعى، ودائما لام الفعل الناقص عندهم ياء. ومن العبارات التى وردت فيها هذه الأفعال:«نجى من هسطان» أى نجى من السلطان و «رعى هضأن» أى رعى الضأن و «هأبل» أى الإبل و «همعز» أى المعز و «هبقر» أى البقر. وفى نقش من نقوشهم «ورعى هأبل سنة مرق نبط جوذ» أى رعى الإبل سنة مرق النبط بهذا الوادى. ومعنى كلمة مرق فى النقش مر، وهى تستخدم بنفس هذا المعنى فى لهجاتنا المصرية. ومن آلهتهم رضا واللات ومناة وبعل وشيع هقوم أى شيع القوم وهو إله مشهور عند النبط، قيل إنه لا يشرب الخمر وكذلك عابدوه.
ولو أنه جاءتنا نماذج طويلة من نقوش الصفويين وأبناء عمومتهم الثموديين