للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللحيانيين لأمكن الحكم بدقة على لهجاتهم جميعا. فى صورة واضحة، ومن المؤكد أنها تصور ضروبا من نمو العربية وتطورها فى طريق اكتمالها. ومن المهم أن نعرف أن هذه النقوش جميعا تنتهى بالقرن الثالث الميلادى. وأقرب منها إلى فصحانا نقوش النبط الذين عاشوا فى شمالى الحجاز وكونوا لهم إمارة اتخذوا مدينة سلع (بطرا (Petra) - حاضرتها الكبرى، وموقعها الآن وادى موسى فى جنوبى فلسطين. وكان لهم فى الجنوب حاضرة صغرى هى الحجر وموضعها الآن يسمى مدائن صالح، وكان لهم فى الشمال حاضرة صغرى ثانية هى بصرى بحوران فى الشام. وظلت هذه الإمارة مزدهرة من القرون الأخيرة قبل الميلاد إلى سنة ١٠٦ م، كما قدمنا، إذ قوّضها الرومان، غير أن النبط عادوا إلى الظهور ثانية فى تدمر وكونوا بها إمارة ظلت إلى سنة ٢٧٣ إذ خشى الرومان من اتساع سلطان أمرائها، فحاربوا ملكتها زنوبيا، وما زالوا بها حتى أسروها ودمروا حاضرتها تدميرا.

وبذلك ينتهى تاريخ النبط، ويظهر أنهم لعبوا دورا واسعا فى التجارة، فقد كانت قوافلهم تتسلم العروض من عرب الجنوب ومن الثموديين واللحيانيين وتحملها إلى العراق وحوض البحر المتوسط.

والنبط عرب شماليون كانوا يتكلمون العربية الشمالية فى أحاديثهم اليومية، غير أنهم اختلطوا بالآراميين، وكتبوا بأبجديتهم فظهرت فى نقوشهم آثار آرامية كثيرة، إذ نراهم يستعيرون منهم بعض كلماتهم وقد يبقون فى خطهم على بعض خصائص لغتهم. وهم كذلك خالطوا الروم والمصريين والعبريين، فظهرت فى نقوشهم أسماء قليلة أخذوها منهم، يمكن أن تكون هذه الأسماء لأشخاص روميين ومصريين وعبريين عاشوا فى إمارتهم.

وتمتد نقوش النبط فى الأنحاء التى سيطروا عليها، وقد كتبوها بالخط الآرامى المشتق من الخط الفينيقى، وهى منثورة فى الحجر ووادى موسى وتيماء وشرقى الأردن وسيناء وحوران بصرى ودمشق وصيدا وجبل الدروز، وتنتهى بالقرن الثالث الميلادى مثلها مثل النقوش السابقة. وكثير منها عثر عليه علماء الساميات فى القبور وعلى أبوابها وفوق الصخور، وهى تكتظ بذكر قرابينهم وما نذروه لآلهتهم، وقد يؤرخون لها بأسماء ملوكهم، وكثيرا ما يؤرخونها بالسنة التى انتهت فيها دولتهم الأولى وهى سنة ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>