وأصحاب هذه النقوش من النبط يختلفون اختلافا واضحا عن أصحاب المجموعة السابقة من اللحيانيين والثموديين والصفويين فى استخدامهم لأداة التعريف العربية، فبينما كان يشيع عند الأولين استخدام الهاء فى التعريف كما قدمنا كان يشيع عندهم استخدام أل المعروفة فى فصحانا، على أنهم قد يجارون الآراميين فى تعريفهم الكلمات بإلحاق ألف فى نهايتها فقد نجدهم يكتبون القبر «قبرا» والمسجد «مسجدا» ولكن الغالب عليهم استخدام أداة التعريف العربية «أل». وربما صنعوا ذلك فى كتابتهم فحسب، مجاراة للآراميين الذين أخذوا منهم خطّهم وأبجديتهم، أما فى حياتهم اليومية ولغتهم الدارجة فكانوا يستخدمون أل كما يدل على ذلك شيوعها فى كتابتهم. وقد ميزوا فى نقوشهم كما قدمنا بين الأعلام الممنوعة من الصرف والمصروفة فكانوا يضيفون للأخيرة واوا دلالة على تنوينها، مما بقيت آثاره فى الخط العربى فى مثل عمرو وعمر.
وهاتان الظاهرتان: أى استخدام أل فى التعريف والواو فى آخر الأعلام المصروفة يقرّب بين هذه اللهجة والفصحى الجاهلية. ومما يلاحظ أنهم يكتفون أحيانا فى كتابة أل باللام وحدها فيقولون أو يكتبون عبد البعل هكذا عبد لبعلى بحذف الألف، وكأنهم سهلوها وجعلوها همزة وصل لا قطع. وإذا رجعنا إلى خصائص هذه اللهجة وجدناها حقّا شديدة الصلة باللغة الجاهلية، فهى لا تكاد تفترق عنها فى أبواب الضمير والفعل وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة والنسبة والتصغير وحروف الجر والعطف وكذلك الشأن فى التذكير والتأنيث للاسم والفعل. ونجدهم يذكرون بين آلهتهم الله جلّ وعز.
وتدور فى نقوشهم كلمات عربية كثيرة مثل سلام ونذر ونذور وحب وخلد وحسن ولطف ورءوف وسعود ومرأة وأمة وعبد ورب وسعد، ويتقدم اسم القبيلة لفظ أل أو بنى مثل آل قصى وبنى سهم.
واستخرج ليتمان من نقوشهم ثلاثمائة اسم تتفق مع الأسماء العربية وهى مدونة فى كتابه (Nabataean Inscriptions): من مثل أمين، أمة، أمة الله، أوس، إياس، أوس الله، أوس البعل، بدر، بكر، تيم، تيم الله، تيم دوشرا (يعنى عبد ذى الشرا) جذيمة، جرم، جمل، حجر، حارث، حارثة، حنظل، حيان، رجب، زيد، سبع، سعد، سلم، مسلم، سكينة، سمية، أسود، صعب،